9
مارس
2020
الوعي السياسي السليم
نشر منذ Mar 09 20 pm31 12:23 PM - عدد المشاهدات : 702

محمد عبد الجبار الشبوط

الوعي السياسي السليم، وهو النظرة الخاصة الى الواقع والمنبثقة من ثقافة سياسية معينة، يشكل احد الشروط الاساسية للتحرك السياسي والاجتماعي السليم.

والثقافة السياسية تزود صاحبها بالمعارف الضرورية المتعلقة بالدولة والحكومة والمواطنة وقواعد السلوك السياسي الخ بما في ذلك الصورة المستقبلية التي يسعى الحراك السياسي الى تحقيقها.

وفي السابق، كانت الاحزاب السياسية هي المصدر الاساسي للثقافة السياسية. بل ان من وظائف الحزب السياسي تثقيف اعضائه وانصاره بالشكل الذي يخلق عندهم الوعي والسلوك  السياسيين  المطلوبين.

لكن مع التقدم التكنولوجي والثورة المعلوماتية والاعلام اليكتروني اصبحت الثقافة السياسية في متناول الغالبية العظمى من الناس بغض النظر عما ينشراحيانا في مواقع التواصل الاجتماعي من "غث" لا يغطي "السمين" من المعرفة السياسية.

وعلى مدى ٣٥ عاما فرض النظام الدكتاتوري حصارا اعلاميا وثقافيا على البلاد اثر على المستوى الثقافي السياسي العام في المجتمع وحصلت ما يشبه القطيعة بين العراق والثقافة السياسية العالمية.

لكن مع سقوط النظام الدكتاتوري انفتحت افاق المعرفة والاطلاع امام الناس على مصراعيها الامر الذي يتيح لابناء المجتمع التعويض عما فاتهم من المعارف السياسية الضرورية.

ووفر اطلاق حرية  تشكيل الاحزاب السياسة والمنظمات المدنية الفرصة ايضا لاشاعة الثقافة السياسية في المجتمع.

لكنني لا اعرف على وجه اليقين حجم الانجاز الذي حققته هذه الاحزاب والمنظمات في هذا المجال.

غير ان متابعتي للحوارات التي تحصل في مواقع التواصل الاجتماعي جعلتني المس مستويين من الثقافة السياسية: المستوى الجيد، والمستوى السيء. ويشكل الاول ثمرة جهود جماعية وشخصية في هذا المجال، لكن المستوى الثاني يكشف عن كسل وعطالة في تحصيل الثقافة السياسية.

ومن الطبيعي ان نتوقع اداء رديئا في الحوار السياسي والممارسة السياسية من اصحاب المستوى الهابط للثقافة السياسية على عكس ما نلاحظه لدى اصحاب المستوى العالي منها.

ونلاحظ هذا في محطات مهمة من الحوارات خاصة فيما يتعلق بالدستور وطبيعة النظام السياسي والديمقراطية وغير ذلك.

ولعلي لا ابالغ اذا قلت ان بعض الناس اقتحم المجال السياسي وهو مقيد بسلاسل من الجهل المركب بشؤون السياسة المختلفة. وكان هذا الجهل سببا في كثير من التعقيدات التي يشهدها مجتمعنا.

من ذلك ما اجده مثلا في مطالبات البعض بالغاء الدستور، او تعديله، او تقليص عدد النواب، او تشكيل حكومة انتقالية او مؤقتة، او مطالبة رئيس الوزراء او رئيس الجمهورية بحل مجلس النواب، وما شابه ذلك.

كما اجد ذلك في النقاشات الدائرة حول النظام البرلماني والنظام الرئاسي والديمقراطية وغير ذلك.

وكل ذلك يؤثر على سلبيا على الاداء السياسي لافراد المجتمع سواء منهم من دخل في هيكلية الحكم، او بقي في الشارع متظاهرا ومعترضا.

كل ذلك يشكل احد العناصر المنتجة للتخلف السياسي في المجتمع حتى وجدت من الممكن تطبيق معنى الاية القرانية "كلاۖ بَلْ ۜ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ" على الحالة الراهنة للمجتمع العراقي على ان ينصرف الفعل "ران" الى معنى اغلق او احاط كما يفعل الصدأ بالحديد او الخمرة بالعقل، وان ينصرف معنى كلمة "قلوبهم" الى معنى الوعي والادراك، ومعنى عبارة "ماكانوا يكسبون" الى الممارسات المتخلفة والسيئة والخاطئة التي يرتكبها الانسان، ويكون محصلة ذلك التخلف المعرفي او الحضاري للمجتمع.

وفي ظل هذا المستوى المتدني من الوعي والثقافة السياسيين يكون من الصعب دعوة الناس مباشرة الى مفاهيم رفيعة المستوى تتطلب مستوى ارقى من الوعي والثقافة. وبالتالي فنحن مضطرون الى قطع خطوة وسيطة بين الواقع المعاش وبين الصورة المطلوبة، وهذه الخطوة هي ازالة الصدأ الذي يغلف الوعي وذلك بنشر ثقافة وسيطة تعالج عناصر التخلف المنهجي والعقلي والسلوكي لدى الانسان ليكون اقدر على استبعاب الطروحات الحضارية الارقى.


صور مرفقة






أخبار متعلقة
مشاركة الخبر
التعليق بالفيس بوك
التعليقات
استطلاع رأى

هل تتوقع أن تساهم التظاهرات بتحسين مستوى الخدمات

14 صوت - 67 %

0 صوت - 0 %

عدد الأصوات : 21

أخبار