16
يونيو
2020
كل عام وصحافتنا بقلق !
نشر منذ Jun 16 20 am30 11:58 AM - عدد المشاهدات : 552

تحتفل الأسرة الصحفية العراقية في منتصف شهر حزيران من كل عام بعيدها الذي بلغ هذا العام الحادي والخمسون بعد المائة ، ولم يمر عام إلا وصحافتنا تعيش بقلق ، كما "ما مر عام والعراق ليس فيه جوع" كما يقول السياب ، وهو قلق مشروع مخافة عدم الإستمرار ونتيجةً لإتساع دائرة البطالة بين الصحفيين بسبب توقف معظم الصحف الورقية وتحولها الى الكترونية تعتمد على عدد قليل جدا من  الفنيين والصحفيين ، رغم محاولات حثيثة وجادة من قبل العديد من رؤساء تحرير الصحف المستقلة ونقابة الصحفيين العراقيين  والمؤسسات الصحفية لتحقيق الإستقرار المنشود والتي لم تثمر حتى اليوم عن التوصل لحلول دائمة ، ومنها مقترحات دعم الدولة للصحافة، دعما غير مشروط ، ذلك لأن الصحافة ركنٌ أساس في الحياة السياسية والنظام الديمقراطي ، ولايمكن لنظام ينتهج الديمقراطية أن لايسعى لتوفير أجواء سليمة لبناء مؤسسات صحفية مستقرة وقوية وفاعلة تشارك في صناعة القرار وتدعم النقاش الحر وتصارع من أجل كشف الحقيقة لصالح المجتمع المكبل بالكثير من القيود والضغوط السياسية والإجتماعية ، وليس غير الصحافة الحقيقية والصحفيين قادرون على تحمل هذه المسؤولية الكبرى .

واذا كانت التعددية الإعلامية في العراق هي حقيقة لايمكن إنكارها بعد عام ٢٠٠٣ فإن مكسب التعددية يوشك ان يفقد محتواه في ظل الإختلال الواضح المتمثل بتمكن الجهات السياسية والحزبية من امتلاك وسائل الإعلام المتعددة مقابل تراجع الصحف المستقلة إن لم نقل غيابها ، مضطرة وليست مختارة ، الأمر الذي سيؤدي لولادة جيل لايقدم للصحافة مايعزز  مكانتها كسلطة قائدة ومساعدة على التغيير وليست تابعة ومنقادة لاتقدم للمجتمع غير المعلومات والأفكار المعلبة والتمجيد الشخصي الذي طالما دمر الأشخاص والأحزاب والمجتمعات والأوطان .

ومثلما للأحزاب حقها في أن يكون لها وسائل إعلامها الناطقة بإسمها فللصحافة المستقلة حقها في الإستقرار وإلإستمرارية ،وواجب الدولة أن تنظم هذه المعادلة التي تنتج عنها منافسة تخدم الحقيقة وترتقي بالرأي العام وتحارب ظواهر الفساد إلى جانب المؤسسات الرقابية وتعمل عبر رصدها المستمر على سد  الثغرات التي يتسرب منها المال العام.

ويترافق عيد الصحافة العراقية هذا العام في ظل مخاطر عديدة وانهيار مالي غير مسبوق ، مايزيد من حدة هذا القلق ويضاعف أعداد الصحفيين العاطلين عن العمل الذين لم تعد للصحف والإذاعات ووكالات الأنباء والفضائيات المتبقية القدرة على إستيعابهم سيما في ظل جائحة كورونا  التي قلصت أعداد الموظفين إلى الربع ، إضافة إلى أن جميع وسائل الإعلام العراقية تعاني من ضائقة مالية نتيجة توقف الحياة الإقتصادية وسوء توزيع موارد الإعلانات وتقليص ملاكاتها وتأخر صرف المرتبات.

ومع كل هذه  المصاعب التي تواجهها الصحافة العراقية فإن استمرارها بأي شكل من الأشكال هو نجاح بحد ذاته، فالنجاح لاطعم ولاقيمة له في الطرق المفروشة بالورود وإنما قيمته بتحققه في الظرف القاهر ، ورغم واقعها المالي الصعب فالصحف تصارع من أجل البقاء والإنتصار والتكيّف مع المتغيرات التي طرأت على عالمنا ومنها تحدي الإعلام الجديد ووسائل التواصل الإجتماعي التي قلبت الموازين.

إن قلق الصحافة والصحفيين ليس بجديد بل هو القاعدة في العسر واليسر وليس الاستثناء ، فهي مهنة المتاعب والصحفي مقاتل لايستريح لكنه يحلم بالإستقرار ويحق له أن يحلم ويعيش عيشة كريمة .. وحتى عام جديد تتحقق فيه أحلام الصحفيين بغدٍ أفضل وحماية وأمن أفضل ووضوح أكثر ومعلومات أيسر ، أوجه التحية لعوائل شهداء الصحافة وأبعث أجمل الأمنيات لكل الزملاء الصحفيين والكتاب القلقين والحالمين في يوم صاحبة الجلالة.

كل عام وأنتم بخير..


صور مرفقة






أخبار متعلقة
مشاركة الخبر
التعليق بالفيس بوك
التعليقات
استطلاع رأى

هل تتوقع أن تساهم التظاهرات بتحسين مستوى الخدمات

14 صوت - 67 %

0 صوت - 0 %

عدد الأصوات : 21

أخبار