بقلم / الدكتورة إيناس حمزة الأعرجي

يُعد تمكين المرأة من أبرز قضايا العصر، ويعني منحها الفرص العادلة للمشاركة في مختلف مجالات الحياة، سواء كانت اجتماعية، اقتصادية، سياسية أو ثقافية. غير أن هذا التمكين لا بد أن يتم ضمن إطار يحترم خصوصية المرأة، ويأخذ بعين الاعتبار طبيعتها الجسدية، كما يراعي تعاليم الإسلام التي حفظت للمرأة كرامتها وحقوقها منذ أكثر من أربعة عشر قرنًا.

التمكين في ضوء الفروق الجسدية خلق الله الإنسان ذكراً وأنثى، ولكل منهما خصائصه الجسدية التي تؤهله لأدوار معينة. فالقوة البدنية للرجال غالبًا ما تكون أعلى، بينما تملك المرأة قدرات مميزة في مجالات أخرى مثل العناية، التواصل، والصبر. لذا فإن تمكين المرأة يجب ألا يعني تكليفها بأعمال مرهقة تتنافى مع طبيعتها، بل يجب أن يركز على مجالات تناسبها وتُظهر كفاءتها، مثل التعليم، الطب، ريادة الأعمال، الفنون، والعمل الاجتماعي.

تمكين المرأة في الإسلام لقد سبق الإسلام الأنظمة الحديثة في تمكين المرأة، فرفع من مكانتها، ومنحها الحق في التعليم، التملك، الإرث، المشاركة المجتمعية، وإبداء الرأي. وقد شاركت النساء في عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم في البيعة، والتعليم، وحتى في ميادين الجهاد في أدوار تتناسب مع طبيعتهن.

الإسلام لم يمنع المرأة من العمل، لكنه اشترط أن يكون العمل مشروعًا، محترمًا، لا يخلّ بأنوثتها أو يؤثر على رسالتها في الأسرة. وبهذا فإن تمكين المرأة في الإسلام هو تمكين متوازن، يراعي دورها الأسري والمجتمعي، ويحفظ لها كرامتها وحقوقها.

أمثلة عملية لتمكين متوازن التعليم والتدريب: الاستثمار في تعليم المرأة يفتح أمامها آفاقًا واسعة، دون أن يتعارض مع مسؤولياتها الأخرى.

العمل عن بُعد: يوفر فرصًا للنساء للمساهمة في الاقتصاد مع مراعاة خصوصيات الأسرة.

القيادة المجتمعية: تشجيع المرأة على المشاركة في صنع القرار في المدارس، الجمعيات، والمبادرات، دون أن تكون في مواقع تعرضها للاحتكاك غير المناسب أو المشقة الزائدة.

تمكين المرأة لا يعني المساواة المطلقة في كل شيء، بل هو تمكين عادل يُبنى على التكامل لا التماثل، ويأخذ في الحسبان الفروق الجسدية، والدور الفطري، والتوجيهات الإسلامية. وبهذا التمكين الواعي نرتقي بالمجتمع كله، رجالًا ونساءً، ونحقق تنمية متوازنة تحترم القيم وتستثمر الطاقات.