|
25
يوليو
2018
|
العراق دولة فاشلة وفق القواعد والمعايير الدولية
نشر منذ Jul 25 18 am31 05:47 AM - عدد المشاهدات : 190
|
بقلم عماد الطيب
يرى الكاتب السياسي الامريكي الكبير ، نعوم تشومسكي ، ان الدولة الفاشلة
(هي الدولة غير القادرة ، او غير الراغبة في حماية مواطنيها من العنف ، والدمار ، والتي
تعتبر نفسها فوق القانون ) . ويضيف نعوم في كتابه الشهير “الدولة الفاشلة“ ( انه حتى
اذا ما كانت الدولة الفاشلة تملك اشكالا ديمقراطية ، الا انها تعاني من قصور خطير ،
يجرد مؤسساتها من اي جوهر حقيقي ) . ووفق هذا المنظور ، وغيره ، تعتبر الدولة العراقية
، ومنذ سقوط الصنم ، وقبله ، دولة فاشلة ، وفق المعايير الدولية . فالعنف ، امسى منذ
عقدين ، سمة من سمات الدولة العراقية . اذ واجه افراد المجتمع العراقي ، انواع مختلفة
من العنف ، وبدرجات تصاعدية . خاصة قبل عام 2003 ، وبعده . وانتشر فيه انتشار النار
في الهشيم ، فأحرق الاخضر واليابس . وارتفعت مؤشرات التحولات في القيم والعلاقات في
المجتمع الى مستويات خطيرة ، اخذت تعصف به من كل الجوانب ، لتنذر بولادة مجتمع جديد
، سيماؤه التجردمن كل المعايير المجتمعية الخاصة بالعراقيين ، وبناء معايير ، وقيم
جديدة ، على انقاض المجتمع القديم . وساهم فوق ذلك انفتاح المجتمع على كل شيء ، دون رقابة ، وحماية
. واخذ مجتمعنا ، يستقطب قيما جديدة ، وبعيدة كل البعد ، عن قيمه الحضارية ، والتاريخية
، والاجتماعية . وهذا كله ، ناتج عن تجربة مريرة ساحقة ، لحكومات عراقية متعاقبة ،
حكمت العراق ، ولم تكن قادرة من قيادة البلد ، بشكل طبيعي ، وتصحيح مساراته التي دمرتها
الاحداث . بل زادتها دمارا ، وعبثا في مقومات المجتمع العراقي ، الذي اطرته منظومة
الفساد والعنف ، بأطر سميكة ، ومحكمة .
وظلت الحكومات العراقية ، تمعن الاذى والضرر
، من حيث تدري ، اولاتدري . وهددت معيشة المواطن العراقي ، ومستقبله ، بحرمانه من أبسط
مقومات الحياة . فسحبت عنه كل مايمت بصلة ، بحياته اليومية . ونرى ذلك بوضوح ، في جانب
الخدمات . اذ نجد معضلة الكهرباء ، وقد صرفت عليها مليارات الدولارات ، خلال الخمسة
عشر عاما ، لم تقدم خطوة واحدة في معالجة هذه الازمة ، التي باتت منذ عقود ، تستشري
في عموم محافظات العراق ، لتلحقها ازمة المياه
، التي فاقمتها سدود تركيا ، الدولة الجارة ، وسوء ادارة الموارد ، وضعف السياسة الخارجية
. وانعكست ازمتها في عموم البلاد . وغيرها من الخدمات الاخرى المتأزمة . مما اوصل البلاد
، الى حافة الانهيار ، واحتقان كامل في الشارع العراقي ، وغليانه ، الذي تصاعد بمؤشرات
، غير مسبوقة ، تجاه فساد المنظومة السياسية ، والمطالبة باصلاحها ، لانها الطريق ،
لاصلاح جميع مرافق الحياة من خدمات ، ومؤسسات.
العراق اليوم . بجميع مكوناته ، يعبر عن
رأيه بالحكومات العراقية ، بشكل واضح وصريح . ولكن في الجانب الآخر . نجد الحكومة ،
تقف اليوم اقل ، ما يطلق عليه باردا ، وغير مباليا بل وعاجزا. وهذا ما نلاحظه من ردود افعال ، من خلال
قرارات ، لاتصب في جوهر القضية ، والمشكلة . وان ما نراه ، ونسمعه ، هو تخبط حكومي
، ووعود عرجاء ، بعضها غير قابلة للتنفيذ . وهذا يدل ، على ضعف القائمين ، على ادارة
البلاد ، وجهلهم ، وعدم مبالاتهم بالاوضاع الشعبية . ومما زاد الطين بلة ، وتفاقم الوضع
. حين ضربت الحكومة ، تطلعات الشعب ، وسمحت بأستخدام العنف ، تجاه المظاهرين ، نتج
عنه سقوط العشرات من الشعب ، بين شهيد ، وجريح . مما دعا بالمنظمات الدولية ، للاحتجاج
على الاوضاع ، وطالبت بوضع حدا للعنف ، تجاه المتظاهرين . وقد سخرت احدى القنوات الفضائية
الالمانية ، على لسان احد معلقيها ، بالقول : ” العراق يمتلك اقوى خزين نفطي في العالم
! ولكنه ليس فيه ماء نظيف ، ولاكهرباء . والغريب ، ان المواطن ، الذي يخرج في تظاهرة
، مطالبا بحقوقه ، يتصداه ، ويمنعه شرطي ، او جندي ، يعاني الظروف نفسها . فقط ، كي
يدافع عن حاكم لص ، سرقهم الاثنين معا ! والذين يحكمون هذه البلاد ، يعيشون داخل سياج
محصن في بغداد ، يتوفر لهم المال ، وجميع الموارد ، التي لايملكها المواطن العراقي
” . بهذه الصورة المريرة ، يخرج رئيس الوزراء العراقي ، الى الشعب العراقي ، ويؤكد
على اجراء حزمة من الاصلاحات ، وتلبية مطاليب المتظاهرين . وهذه السلوكية الشائنة ،
والمهينة ، تبحث عبرها الحكومة ، عن حلول آنية ، مجزءة لاتصب في صميم المشكلة ، وانما
هدفها احتواء الازمة ، وتدل دلالة قاطعة ، ان الخدمات قرارا سياسيا وليس فنيا .
وان ما تردده الحكومة ، حاليا ، على لسان
مسؤوليها ، حول ما اسمتهم بـ” المندسين ”
. يذكرنا مما فعله صدام ، ايام الانتفاضة الشعبانية ، التي انتفض الشعب على الدكتاتورية
المقيتة ، وخرج في تظاهرات ، وصفت بالعنيفة
. فردد النظام ، مقولته الشهيرة ، واصفا المتظاهرين ، انهم ” غوغائيين “عبروا الحدود
وذلك لافراغ القيمة الوطنية على الثورة ، والانتفاضة . والحال نفسه ، ما تقوم به الحكومة
الحالية ، حين وصفت المتظاهرين ، بالمندسين
. والتاريخ يعيد نفسه ، لكن بأشكال مختلفة
.