30
يوليو
2018
الحكومة المنشودة هل أصبحت حلما ؟
نشر منذ Jul 30 18 am31 10:26 AM - عدد المشاهدات : 241

د.علي حسين يوسف

الحكومة في الدولة المدنية ليست سلطة تعنيفية بل وسيلة خدمية تربوية إرشادية إقناعية غير منحازة , ومن خلال هذه الصفات تكفل الدولة حماية أعضاء المجتمع جميعا بغض النظر عن انتماءاتهم القومية أو الدينية أو الفكرية لكن كيف تتخلق مثل تلك الحكومة ؟

لا بد من توافر أرضية ثقافية لإنجاز ذلك ، فحكومة الدولة المدنية يجب أن تكون حكومة مثقفة قبل كل شيء ؛ تعي دور التعايش المدني الواعي قبل أن تكون حكومة مصانع ومعامل , ولا يكون ذلك إلا باحترام القانون الذي يكفل الحقوق والواجبات ويضمن المساواة والعدالة بين أفراد المجتمع , فبالقانون المدني وحده وبتطبيقه العادل الواعي يمكن أن يستشعر الناس قيم العدالة ويعم السلام والتسامح ويصبح بعد ذلك قبول الآخر سلوكا معتادا يكفله القانون ويعززه الوعي الجماعي الذي يتبلور شيئا فشيئا في ظل تلك الاشتراطات  .

 وثمة أمر لا يقل خطورة عن احترام القانون المدني نفسه يتمثل في ثقافة تطبيق القانون , فما الفائدة من وجود القوانين إن لم تطبق على أرض الواقع , ولا يمكن تطبيق القانون إلا بقوة القانون أولا بإشاعة الثقافة القانونية وبيان أهميتها للقائمين أولا على تطبيق القانون أنفسهم ومن ثم لعامة الناس ثانيا ,  وفي الوقت ذاته نرى أن من أهم سمات الحكومة المثقفة احترام الإنسان وجعله القيمة العليا بوصفه صانع القيم ومؤسس الدول ومشرع القوانين , ولا يتأتى ذلك إلّا بضمان الحقوق وعدم اخضاع المواطن لأي شيء يتعارض مع تطلعاته أو اجباره على اتخاذ أمر بغير قناعته , أو انتهاك حقوقه وسلبها عنوة , ولا بد من جعله ممثلا في اتخاذ القرارات السياسية بأي صورة من الصور , ومن جانب آخر لا بد أن يكون هناك اعتبار قانوني خالص للأفراد , بمعنى أن المواطن في حسابات الحكومة ــ وهكذا يجب أن يكون ــ فرد اجتماعي قانوني قبل كل شيء , ويجب أن لا يحمل أي ميزة غير ذلك تفضله على الآخرين , فيجب أن لا يكون هناك اعتبار لأي انتماء آخر للفرد داخل المجتمع المدني يميزه عن غيره ؛ يجب أن يكون الانتماء للمواطنة فقط وليس للعشيرة أو الدين أو الطائفة أو المدينة أو الحي أو المنصب أو المهنة أو السلطة , فالكل يجب أن يكونوا متساوين من خلال انتمائهم للدولة فقط وليس لأي شيء آخر ؛ أن لا يكون هناك غبن أو حيف  , فمن واجب الحكومة الاعلاء من ثقافة إلغاء الفوارق والتمايزات الفئوية والعرقية والطائفية والمناطقية والعشائرية والإثنية وإشاعة روح الاحترام والتسامح وقبول الآخر وتقديس قيم المواطنة وعدم السماح للثقافة الأنانية المتطرفة والمؤدلجة والنوايا المصلحية الضيقة بالتسرب إلى وعي الجماهير لأنها تتعارض أساسا مع كل ما ذكرناه .

أتمنى أن لا يكون ذلك حلما .


صور مرفقة






أخبار متعلقة
مشاركة الخبر
التعليق بالفيس بوك
التعليقات
استطلاع رأى

هل تتوقع أن تساهم التظاهرات بتحسين مستوى الخدمات

14 صوت - 67 %

0 صوت - 0 %

عدد الأصوات : 21

أخبار