9
اكتوبر
2023
تصحيح المفاهيم في الحملات الانتخابية
نشر منذ 7 شهر - عدد المشاهدات : 398



الدكتورة / إيناس حمزه الاعرجي

تعتبر الحملة الانتخابية اخر فرصه للمرشح من أجل إستخدام التقنيات المتاحة له على سلوك الناخبين ،وذلك باستعمال ما يدعى بالاقناع السياسي أو مايسمى بالدعاية الإنتخابية ، ويعني التعبير المستعمل من طرف المشغلين في هذا المجال.

وقد قسم العالم روجي مشلي الدعاية الانتخابية في الحملات إلى أنواع عدة ،منها . دعاية الاستقطاب والانتشار التي تهدف إلى التعريف بآراء المرشح أو الحزب السياسي. ودعاية الاحتجاج التي تستخدم من قبل المجموعات المهمشة وعلى استغلال الأحداث الطارئة.

وهناك الدعاية الادماجية التي تهدف إلى ضبط آراء واتجاهات وسلوكات بعض الفئات المشكلة للرأي العام حتى تخلق نوع من الإجماع بشأن آراء المرشحين وبرامجه ،ولابد لنا في بداية الحديث أن نبين ماهي الحملة الانتخابية وما هي مفاهيمها.

إن لفظ (حملة -انتخابية) يكشف لنا بشقيه عن تمييز الحملة الإنتخابية عن باقي الحملات الإعلامية الأخرى التي تغطي الأوجه والمجالات المختلفة ،لذلك لابد من تعريف للحملة لغويا واصطلاحاً حتى نعطي مفهوماً دقيقاً.

فالمعنى اللغوي للحملة كما جاء في معاجم اللغة نجد أن (ح-م-ل) هو الأصل اللغوي الذي اشتقت منه كلمة (حملة)،ونجدها في لسان العرب تعني:(حمله على الأمر يحمله حملا فانحمل: اغراه به)،اما في الصحاح فتعني:(حمل على نفسه في السير ،اي اجهدها فيه).

وفي المفهوم الاصطلاحي للحملة الانتخابية فقد عرفها دينيس ماكويل على أنها (الجهود الاتصالية التي تمتد إلى مدة زمنية تستند إلى سلوك مؤسسي أو جمعي يكون متوافقا مع المعايير والقيم السائدة ،بهدف توجيه وتحفيز اتجاهات الجمعور نحو أهداف مقبولة اجتماعيا مثل التصويت).

من خلال ما ذكر من التعريفات نستطيع أن نعرف الحملة الإنتخابية على أنها (مجموع من الأنشطة المتنوعة التي يتم تنفيذها عبر فترة زمنية يتزايد إيقاعها وسرعتها مع اقتراب موعد الإنتخابات ،وهذه الأنشطة يقوم بها المرشح للإنتخابات مثل إنتخاب مجلس الشعر ومجلس الشورى والمجالس المحلية ،والهدف منها هو مشاركة أكبر عدد من الناخبين في التصويت لصالح مرشحي الحزب حتى يحقق الفوز في الإنتخابات ،لان نجاح أي حزب سياسي من الأحزاب المرشحة ومدى شعبيته والتفات الرأي حول فكره وسياساته يقاس أمام صندوق الانتخابات.

وكل حملة انتخابية تمر بمرحلتين مهمتين هما.

أولا...مرحلة التخطيط والإعداد وفيها.

إتخاذ القرار بالمشاركة في الانتخابات.

تحديد الهدف من المشاركة.

اختيار المرشح المناسب.

تشكيل فريق عمل يدير الحملة الانتخابية ،وتحديد مهامه.

ثانياً...رسم الخريطة السياسية -والاجتماعية للدائرة وتحديد ستراتيجية التحرك.

تعتبرتجربة الإنتخابات تجربة ديمقراطية حديثة دخلت البلدان النامية ،لكن بعض هذه الدول حدثت فيها انعطافات وانحرافات فاخذت منحى خطير ومفاهيم.خاطىةماانزل الله بها من سلطان من حيث الشكل والمضمون والإستراتيجية وعلاقة الحملة بالمواطن.ومن هذه البلدان عراقنا الحبيب الذي يعاني من مفاهيم خاطئة للحملة مطروحة في الشارع السياسي ومنها.

أولا.

الكثير من التوجهات الحزبية والسياسية لم تراهن على السجالات المبرمجة في الحملة الانتخابية الصحيحة بقدر مراهنتها على شخصنة الصراع الانتخابي.

مناقشة البرنامج الإنتخابي لم تتكرس بعد في ذهنية الفاعلين السياسيين.

ثالثاً..تسابق الأحزاب السياسية على منح التزكية لاعيان وأصحاب المال جعل هذا التوجه للاليات التقليدية في الحملة الانتخابية تتقوى على آليات التواصل الإنتخابي وأقصد استغلال المناسبات الإجتماعية والدينية وعلاقات القرابة والعشائرية وآليات الوساطة والنفوذ تتقوى على مسألة تنظيم المهرجانات والوقفات والحملات وتوزيع المانشير واللقاءات.

رابعاً ..غياب التنافس الحقيقي للفاعلين السياسيين في الحملة الانتخابية ،فالملاحظ هو الغياب النسبي للبعد التنافسي في البرامج الإنتخابية للأحزاب المشاركة في الحملة ،فنجد الفاعل السياسي يعتبر البرنامج الإنتخابي هو مجرد تواصل عادي في وسائل الإعلام أو أنه تمرينات لغوية بصيغ تعبيرية متنوعة ،او أنه نزهة اتصالية،في حين أن البرنامج الإنتخابي هو انعكاس للمرجعية الايدلوجية للحزب ،فانظر إلى هذه الأحزاب المشاركة في الانتخابات كان المفروض أن تطرح بعددها خططاً وبرامجا متنوعة لجعلها حملة تنافس وتصارع وتفاؤل بين هذه البرامج الإنتخابية مما يضفي عليها الجاذبية والتشويق والتميزفي طرح البرامج الانتخابية.

خامساً..غياب الرهانات الاسترتيجية الكبرى والواضحة من قبل الأحزاب المشاركة والتي همها الوحيد هو الفوز بالمقاعد وتشكيل فرق برلمانية والحصول على مناصب وزارية والإستفادة من الدعم المادي ،مما جعل رهانات الأحزاب المتنفذة للسلطة متمثلة بتقديم عروض سياسية للناخبين من أجل الوصول إلى هدف سياسي وهو الفوز بالأصوات والمقاعد والمناصب على حساب الرهانات الاسترتيجية والمصيرية لهذه الإنتخابات واقصد بها نسبة المشاركة وكيفية التفاعل مع الحراك الاجتماعي وطرح آفاق مابعد ١٨---١٢.

سادساً... أصبحت الحملة الانتخابية في العمق هي عملية سياسية للغاية فكانت على مدى السنوات الماضية والى الآن هي روتين متشابه في طرح البرناج مما أدى إلى غياب عوامل التشويق والجاذبية لدى المواطن فجعله لايهتم بها وأصابه نوع من الملل إزاء الحملة الانتخابية وهذا بدوره أدى إلى ضعف نسبة المشاركة فيها.وما هذا السلوك الا دليل على إستخدام منطق براغماتي وتكتيكي داخل المؤسسات ،وهذا بدوره أوصل المواطن إلى الامبالاة وعدم الإهتمام وعدم الاكتراث بما يجري في الشارع العراقي.

سابعاً... وأعتقد أن هذه النقطة مهمة الا وهي مصداقية الخطاب ،والملاحظ في تتبع خطابات الأحزاب السياسية في هذه الحملة هو ندرة الخطاب الوقعي المتمثل بالارقام والاحصاء والمعطيات المبنية على الخبرة والعلمية والموضوعية والممكنة للتطبيق ،وامتازت لغة الأحزاب المتنفذة للسلطة بأنها لغة الوعود الواهية ،ولغة دغدغة المشاعر التي يبالغ بها العديد من المرشحين في تقديمها للناخبين ،حتى أصبح الكذب أمرا مشروعا وملتصقا بالحملة الانتخابية ولا يترتب عنه أية مسؤولية أخلاقية أو سياسية فيما بعد.

إذن فلابد من وجود رؤية واضحة وجديدة من قبل الدولة والأحزاب السياسية المستقلة صاحبة المبدأ على إنقاذ ما يمكن انقاذه ولو على الأقل إقناع المواطن إلى الذهاب الى صناديق الاقتراع خوفا على مصير الوطن وتكون هذه الرؤية معتدة على .

اولا...تشخيص جريء وموضوعي وضابط لكل الإختلالات البنيوية التي تعيق تقدم البلاد.

ثانياً..طرح الحلول البديلة والواقعية بلغة واضحة ومسؤولة ذات مرجعيات تسمح للكتلة الناخبة التمييز بين خطابات وبرامج وحملات الأحزاب الاخرى.



صور مرفقة






أخبار متعلقة
مشاركة الخبر
التعليق بالفيس بوك
التعليقات
استطلاع رأى

هل تتوقع أن تساهم التظاهرات بتحسين مستوى الخدمات

14 صوت - 67 %

0 صوت - 0 %

عدد الأصوات : 21

أخبار