|
18
ديسمبر
2018
|
"الفساد الإداري" يغرق العراقيين
نشر منذ Dec 18 18 am31 05:36 AM - عدد المشاهدات : 2422
|
كرم سعدي:غرق الأحياء السكنية بسبب الأمطار
من بين المشكلات التي يعاني منها العراقيون منذ سنين ليست قصيرة، والسبب الأساس وراء
هذه المشكلة التي تؤدي إلى خسائر اقتصادية للدولة والمواطن، هو الفساد الذي تعاني منه
الإدارات العامة.
تختلف أحوال الأحياء السكنية، ففي حين تتسبب
مياه الأمطار بغرق المنازل في بعضها، تتسبب في أحياء أخرى بفيضانات في الشوارع فقط
وإغلاق للمنافذ. ويكفي في بعض الأحياء أن يستمر هطول المطر بنسبة متوسطة لأكثر من ساعة
حتى تغرق. وفي جميع الأحوال، لم يعد المطر يمثل تلك "النعمة" التي لطالما
تحدث عنها العراقيون، خصوصاً بعد وقوع حالات وفاة بسبب الأمطار.
بحسب توقعات الأرصاد الجوية فإنّ الفترة
المقبلة ستشهد هطول أمطار غزيرة. وعلى الرغم من أنّ أمانة بغداد، المختصة في تقديم
الخدمات البلدية للعاصمة، أكدت في بيان لها، فضلاً عن بيانات لبلديات مختلف المحافظات،
أنّها أتمت استعداداتها لاتخاذ ما يلزم استعداداً لموسم الأمطار، فإنّ مسؤولين محليين
يشيرون إلى عدم كفاية هذه الاستعدادات لمواجهة الأمطار.
علي حسن، المسؤول البلدي في أمانة بغداد،
يؤكد لـ"العربي الجديد" أنّ ما تحتاج إليه أغلب أحياء العاصمة هو "إعادة
تأهيل مجاري الصرف الصحي وتصريف مياه الأمطار، لأنّها لم تعد كافية في الوقت الحالي،
وفي مناطق أخرى ليست هناك في الأصل مجارٍ لتصريف مياه الأمطار، بل إنّ أحياء عديدة
لا تصريف للمياه المبتذلة فيها، ويعتمد المواطنون على شفطها عن طريق سيارات حوضية متخصصة".
المسؤول البلدي يقول إنّ عوامل عديدة خلف
ذلك "أبرزها الفساد الإداري". يتابع: "في العراق لا رقابة صارمة على
الفاسدين، وتدار المشاريع عبر حلقة من المسؤولين الفاسدين المدعومين من قبل شخصيات
وأحزاب ومليشيات، وهؤلاء ترسو عليهم مقاولات مشاريع مختلفة تتعلق بالبنى التحتية للأحياء
السكنية ومنها إدامة أو إنشاء مجاري الصرف الصحي وتصريف مياه الأمطار، لكنّ ما يحصل
هو عمل عشوائي تنفق عليه مبالغ كبيرة دون أي نفع يذكر".
ولولا الفساد، يقول علي حسن، "لتحولت
مدن العراق في خلال السنوات القليلة الماضية إلى مدن مثالية من ناحية البنى التحتية
المتعلقة بتصريف المياه بنوعيها مياه الأمطار والصرف الصحي، نظراً للمبالغ الطائلة
التي أنفقت في هذا المجال، لكنّها ذهبت إلى جيوب الفاسدين".
حتى اليوم، وعلى الرغم من أنّ فترة نهاية
أكتوبر/ تشرين الأول ومطلع نوفمبر/ تشرين الثاني الماضيين قد شهدت سقوط أمطار بين متوسطة
وغزيرة في أنحاء متفرقة من البلاد، فإنّ الغرق شمل أحياء قليلة في بغداد، لم تدم طويلاً.
لكنّ الضرر الأكبر شهدته محافظات كانت تعرضت إلى تدمير كبير بسبب الحرب مع تنظيم داعش،
ففي الموصل (شمال) تحولت الأحياء السكنية إلى بحيرات لا يمكن قطعها إلّا في زوارق،
بحسب سنان عبد الخالق، وهو ناشط إغاثي. يقول لـ"العربي الجديد" إنّ الأمطار
"كارثة تضاف إلى كوارث الموصل". ففي جانبها الأيمن، وهو الجزء القديم من
المدينة، هناك تدمير شبه كامل كون عناصر تنظيم "داعش" تمركزوا فيها وقاوموا
القوات العراقية المتقدمة لتحريرها، واستلزم الأمر توجيه قصف عنيف لتحريرها، ما أدى
إلى تحول هذه المدينة إلى أطلال، وحتى اليوم هناك جثث ما زالت تحت أنقاض المباني المهدمة.
يضيف عبد الخالق: "المدينة في حاجة إلى تغيير كامل في البنى التحتية، فالسكان
العائدون اضطرتهم الظروف إلى العودة، إذ يعتبرون أنّ عودتهم للسكن في منازل مهدمة أفضل
من السكن في الخيم بالعراء، لكنّ معظمهم غرقت بيوتهم، فمجاري تصريف المياه تحتاج إلى
تبديل بالكامل".
في محافظة الأنبار، غربي البلاد، يعمل مواطنون
بجهد على إعادة الحياة إلى مناطقهم التي شهدت هي الأخرى دماراً بنسب مختلفة نتيجة الحرب.
هذه المحافظة كانت تعتبر معقلاً مهماً لتنظيم "داعش"، خصوصاً أنّها محافظة
كبيرة المساحة وفيها تنوع جغرافي استغله عناصر التنظيم في الاختباء والمراوغة والإغارة
على القطع العسكرية العراقية. وكان هذا سبباً في تدمير شبه كامل للبنية التحتية للمحافظة،
ما أدى إلى غرق الأحياء السكنية عند هطول أمطار متوسطة تستمر أكثر من ساعة.
يقول صباح جسام، وهو أحد سكان مدينة الرمادي،
مركز محافظة الأنبار، لـ"العربي الجديد"، إنّ "المواطن في الأنبار هو
من أعاد الحياة لهذه المدينة بعدما تهدمت بسبب الحرب". يضيف "نظمنا حملات
لرفع أنقاض ومخلفات الحروب، ورفعنا جثث السكان من تحت أنقاض البيوت، وأعدنا تأهيل منازلنا
وشوارعنا، بل ساهمنا في تأهيل المدارس أيضاً من خلال حملات تطوعية، وغيرها من أعمال".
يضيف: "بالنسبة للأمطار استعنا بمضخات كهربائية تشفط المياه من المنازل الغارقة
إلى الشوارع، لكن بالنسبة للشوارع الغارقة فليست لنا إمكانية كسكان أن نواجه غرقه.
نعلم جيداً أنّ تأهيل محافظتنا يكلف مبالغ طائلة، ونعلم بوجود فساد كبير منذ سنوات".
المطر بحسب جسام "لم يعد نعمة مثلما كان سابقاً، حين كان ينتظر العراقيون هطوله
للاستمتاع بأجوائه ولكي تنتعش الأرض بالعشب ليمنح مربي الماشية رزقاً وخيراً، فاليوم
بتنا نتمنى ألا ينزل المطر لأنّه كارثة للناس".