28
اكتوبر
2020
الاحزاب الجديدة: فشل مجتمع
نشر منذ Oct 28 20 am31 11:00 AM - عدد المشاهدات : 561


بقلم/ محمد عبد الجبار الشبوط

حتى الان، بلغ عدد الاحزاب المسجلة رسميا ٢٣٠ حزبا تستعد لخوض الانتخابات المبكرة في ٦ حزيران عام ٢٠٢١. وقبل الخوض في التفاصيل سوف اغامر بان اصدم القاريء بقولي ان العدد الكبير جدا من الاحزاب المتنافسة دليل على فشل المجتمع في انتاج طبقة سياسية جديدة متماسكة وقوية وقادرة على تحقيق اغلبية برلمانية فاعلة. ولا يصح ان نلقي باللوم في هذا الفشل السياسي على اي جهة غير الشعب العراقي نفسه، فلا احزب السلطة، ولا ايران، ولا اميركا، مسؤولون عن ذلك، انما المسؤولية الكاملة يتحملها الفاعلون السياسيون، او الراغبون في ان يكونوا فاعلين، لا غيرهم.

سوف تجرى الانتخابات الفردية في ظل قانون للانتخابات الفردية تم اجهاضه وتشويهه من قبل برلمان احزاب السلطة الطامعة في البقاء في السلطة على حساب الشعب وعلى حساب الديمقراطية، التي تم وأدُها هي الاخرى منذ اجهزت عليها عيوب التأسيس منذ ١٧ عاما، وفي ظل ثقافة ووعي سياسيين لدى عامة الشعب بمنسوب منخفض جدا، وفي ظل مجتمع سياسي ابعد ما يكون عن فهم قوانين "اللعبة الديمقراطية"، كما يقولون. وهذه عناصر ثلاثة في الفشل المتوقع والمسبق في امكانية الانتخابات المبكرة في ان تكون الخطوة الاولى للاصلاح المنشود الذي يتطلب ثلاثة امور غير متوفرة:

اولا، قانون انتخاب فردي ودوائر انتخابية بقدر عدد النواب.

ثانيا، عدد قليل من الاحزاب المتنافسة، يضمن حصول احدها على اغلبية برلمانية مريحة.

ثالثا، استبدال الطبقة السياسية العاجزة والفاسدة بطبقة سياسية جديدة تفهم معنى الاصلاح وتؤمن به، وقادرة على تحقيقه.

المقدمات التي توفرت حتى الان تشير الى عدم امكانية تحقيق ذلك. فالامر الاول والثاني يجعلان تحقيق الامر الثالث مستحيلا.

منذُ حوالي ١٠ سنوات بدأتُ بالدعوة الى الانتخاب الفردي، والدوائر المتعددة، وتقليل عدد الاحزاب، وحينما خرجت التظاهرات الاحتجاجية في تشرين من العام الماضي دعوتُ الى تطبيق المادة ٦٤ التي تقضي بحل مجلس النواب واجراء انتخابات مبكرة حتما. وذلك كخطوة اولى نحو تحقيق الاصلاح السياسي والاقتصادي المنشود، الموصل بعد ذلك الى اقامة الدولة الحضارية الحديثة. وكانت الامنية التي رجوت ان تتحقق، هو ان يتجمع الراغبون بالاصلاح تحت مظلة واحدة كبيرة ويخوضوا الانتخابات بحزب واحد كبير يتمكن من احراز اغلبية برلمانية كبيرة (مطلقة) تمكنه من الامساك بازمة السلطة التنفيذية للشروع بعملية الاصلاح الحضاري المنشودة. واذا استثنينا احزاب السلطة (حوالي ٦ احزاب) لاحتمال كونها غير راغبة بالاصلاح الذي قد يتضمن استبدال الطبقة السياسية، فقد كان من المأمول ان يتمكن الباقون من تشكيل الحزب الاصلاحي الكبير. لكن هذا لم يتحقق، لان رافضي احزاب السلطة اغرتهم الاسماء، ولم يستقطبهم المشروع، فاخذوا يتراكضون الى تاسيس احزاب باسماء شتى، حتى وصل العدد الى ما وصل اليه، ليثبتوا ان المجتمع العراقي لا يسلك سلوك حبات الزئبق التي تنجذب احداها الى الاخرى حتى تشكل قطعة كبيرة واحدة، انما يسلك سلوك الاقطاب المغناطيسية المتشابهة (المتنافرة) التي  يدفع احدها الاخر بعيدا عنه. وهذا ما انتج عددا كبيرا جدا، غير مبرر ديمقراطيا ولا اصلاحيا، من الاحزاب المتشابهة في كل شيء ما عدا في اسماء المؤسسين او "القادة" بحكم التأسيس. بهذا العدد الكبير لن يتحقق التحول في المسار السياسي للبلاد، ولن يتحقق الاصلاح المطلوب، ولن يتحقق الاستبدال المأمول. ان الولادات الجديدة لا تفعل شيئا اكثر من اعادة انتاج الفشل والتشرذم الذي قاد النظام السياسي الى العوق والعقم وعدم القدرة على الانجاز. ومع ذلك، فان الوقت مازال متاحا ومتسعا لتعديل هذا المسار قبل موعد الانتخابات.



صور مرفقة






أخبار متعلقة
مشاركة الخبر
التعليق بالفيس بوك
التعليقات
استطلاع رأى

هل تتوقع أن تساهم التظاهرات بتحسين مستوى الخدمات

14 صوت - 67 %

0 صوت - 0 %

عدد الأصوات : 21

أخبار