|
4
نوفمبر
2021
|
هل أسقطت أيقونة "انتفاضة تشرين" ترسانة رموز السلطة والطائفية في العراق؟
نشر منذ Nov 04 21 am30 08:53 AM - عدد المشاهدات : 1557
|
الإعلام العراقي/ وكالات
لم يمض عام حتى تحوّل ضحايا "انتفاضة
تشرين" في العراق إلى رمز وطني وإنساني في صفحات التاريخ، بمقارعة السلطة التي
تسيطر على زمام الحكم منذ 17 عاما، والمتهمة بالفساد وإهدار المال العام وسفك دماء
المتظاهرين وقتل أحلامهم.
وعلى الرغم من أن السلطة الحاكمة في العراق
حملت شعارات الدفاع عن الوطن والمذهب والطائفة وتحقيق العدالة، وتفاخرت بسنوات المعارضة
ضد نظام الحكم السابق، فإن ترسانتها الحزبية سقطت أمام سرديّة انتفاضة أكتوبر/تشرين
الأول، وأجبرتها لأول مرة منذ 2003 على استقالة حكومة بأكملها، وهذا ما جعلها تمتلك
الفضاء الشعبي في البلاد بعيدا عن الأسس الحزبية والخلفيات الطائفية والمذهبية التي
جاءت بها المنظومة السياسية.
ودفع هاجس الشعور بالمسؤولية الأخلاقية
والوطنية لدى الشباب العراقي إلى مواجهة الأداء الحكومي الهزيل، وما أنتجته المنظومة
السياسية في البلاد بعد الغزو الأميركي عام 2003.
د. سهام الشجيري المختصة في العلوم النفسيةسهام
الشجيري اعتبرت أن المتظاهرين قدّموا أرواحهم فداء في سبيل تحقيق وطن للجميع (الجزيرة نت)
الأيقونة أمام الترسانة
وذهب ضحايا الاحتجاجات -الذين بلغت أعدادهم
نحو 560 قتيلا وأكثر من 25 ألف جريح بالإضافة إلى عشرات المفقودين- إلى بناء البلد
بطرح أنفسهم "شهداء" قبل أن يقتلوا، نتيجة معاناتهم الكبيرة في تحقيق بناء
وطن من الناحية النفسية -كما تقول المختصة في العلوم النفسية د. سهام الشجيري- ونجحوا
في وضع حلول للكثير من المشكلات التي عجزت عن حلها المنظومة السياسية.
وفشلت الطبقة السياسية في إرباك الحالة
النفسية للمتظاهرين بعمليات القتل والاعتقالات للتخلص منهم رغم أنها قتلت الكثير منهم،
لأن ثبات وإصرار الشباب على تغيير واقع البلد أو "الاستشهاد" هدّد وجود المنظومة
السياسية، وهزّ عرش الحكومة العراقية، حسب رد الشجيري على سؤال الجزيرة نت فيما إذا
كانت أيقونة شهداء أكتوبر/تشرين الأول أسقطت ترسانة الطبقة الحاكمة أم لا.
وتؤكد الشجيري ضرورة العطاء المجتمعي للشباب
عن طريق التركيز على الحالة النفسية التي ينتمي إليها الفرد العراقي، في وقت أسهمت
الحالة النفسية التي شعرت بها المنظومة السياسية بقتل هؤلاء الشباب.
وتعرضت الاحتجاجات -حسب الشجيري- لانتكاسة
كبيرة شلّت أحلامها لعدم استثمار إنجازاتها والتضحيات التي قدمت، وهذا ما يجعل علم
النفس في صدمة كبيرة عند تفسير عطاء الشباب العراقي دون توقف منذ أكتوبر/تشرين الأول
2019 وحتى الآن، رغم تكسر الحلم تحت أقدام الذين حاولوا أن يجدوا لأنفسهم منفذا للقضاء
على المظاهرات بأي طريقة كانت.
سيف خالد الناشط في ساحة التحرير ببغدادسيف
خالد خلال مشاركة سابقة له في الاحتجاجات في ساحة التحرير ببغداد (الجزيرة نت)
رمزية تاريخية
واستطاعت ثلّة قتلى الاحتجاجات -حسب العديد
من المتابعين للشأن العراقي- أن تمثل معاناة أكثر من 40 مليون عراقي، لأنها نادت بالإصلاح
والمطالبة بالأشياء التي يفتقدها الشعب العراقي، وتعلقت بهم الآمال أكثر من الطبقة
السياسية التي تحكم البلاد منذ 17 عاما، وهي عاجزة عن حل مشكلاتهم وتنفيذ مطالبهم.
واعتاد الشعب العراقي على مرّ التاريخ أن
يتمسك ويتعلق بالشخص الذي يراه منقذا لواقعه المرير، مما جعلهم ينظرون نظرة رمزية وطنية
وتاريخية لضحايا المظاهرات أكثر من السياسيين، حسب تعبير الناشط في ساحة التحرير ببغداد
سيف خالد.
وتختلف المظاهرات الأخيرة في العراق عن
الاحتجاجات السابقة، لأنها خلقت -حسب سيف- ظاهرة ومنظورا جديدين لدى الشعب بالوقوف
في وجه الظلم ورفض الاستبداد والفساد والخضوع وفرض الأجندات الخارجية مهما كانت قوّة
السلطة ومتانتها السياسية والحزبية، وأيضا بخلق رد فعل مستقبلي للأجيال القادمة بأن
يرفض الشعب أي شيء لا يرغبه وإن كان الثمن غاليا وبلغ التضحية بالدم.
مثال الألوسي سياسي عراقيالآلوسي اعتبر
أن المنظومة الحاكمة سرقت الأحلام الوردية للعراقيين (الجزيرة)
سرقة الأحلام
حياة العراقيين وتجاربهم خلال السنوات الأخيرة
كانت مريرة، ليس بسبب الإرهاب والتفجيرات والانفلات الأمني فحسب، بل بسبب خيبة الأمل
التي أصابتهم على يد المنظومة السياسية التي حكمت البلاد منذ عام 2003.
ويقول السياسي العراقي مثال الآلوسي، إن
المنظومة الحاكمة سرقت الأحلام الوردية للعراقيين التي بنوها بدمهم قبل 2003، وقتلت
فيهم الروح والطموح والثقة بالعراق، وهذا ما زاد الاحتفاء بـ"شهداء" الاحتجاجات
الأخيرة لدى العراقيين أكثر من الطبقة السياسية التي حملت الشعارات الوطنية والمذهبية
والطائفية الزائفة.
ومثّل المحتجون جميع العراقيين بكل اتجاهاتهم
بالوقوف في وجه الدمار الذي لحق ببلدهم على يد الطبقة الحاكمة، وإيمانهم المطلق بأن
السياسيين لا يمثلون طموح الفرد العراقي ولا الهوية الوطنية العراقية.
وما لم يدركه سياسيو المنطقة الخضراء والأحزاب
التي تتحكم بالعملية السياسية -حسب الآلوسي- أن قتل المتظاهرين والإنسان الثائر لن
يلغي الانتفاضة بوجه الفساد وإهدار المال العام، مؤكدا استمرار الاحتجاجات وإن توالت
عليها الأحزاب والمليشيات.
ويحذّر الآلوسي من تحايل الحكام الذين قال
عنهم إنهم يخضعون لأوامر الطرف الثالث والسفارات الأجنبية بشأن المتظاهرين من أجل تثبيت
أنفسهم في الانتخابات المقبلة التي تزداد الشكوك فيها منذ الآن.
ودعا الآلوسي إلى اللجوء لاستخدام العقل
والابتعاد عن التشنج والطائفية التي تمثل أعمدة السلطة الحاكمة لإنقاذ العملية السياسية
بإصلاح حقيقي، أو أن يذهب العراق إلى اللارجعة، منتقدا في الوقت ذاته من يتمسك بالسلطة
ويتفاخر بها على حساب حقوق الشعب ومستقبله.