15
سبتمتبر
2023
العلياوي يرفع ستائر القرار
نشر منذ 8 شهر - عدد المشاهدات : 683



د.اسماعيل موسى حميدي

كتاب نادر في مضمونه ومختلف في صياغته ومنهجه يقدمه أستاذ التاريخ والسياسي د. عبدالله العلياوي للمكتبة العراقية بعنوان (خلف ستائر القرار) وهو تأريخ لحكومة حيدر العبادي على منهج المؤرخين الأوائل وكتاب الحوليات فهو يؤرشف وقائع جلسات مجلس الوزراء ويضيف من عندياته تعليقات على الاحداث العامة وعلى اداء الحكومة وتفاصيل قراراتها ومواقفها.

الجديد في كتاب العلياوي إنه يمنح القارئ رؤية داخلية لمصانع القرار في العراق ومناطق الاشتباك بين قواه السياسية وشخصياته النافذة في واحدة من أكثر مراحل العراق تعقيدا (2014 - 2018)، حيث تتشكل الحكومة بعد ملابسات معقدة لمنع نوري المالكي رئيس ائتلاف دولة القانون الفائز الاول بالانتخابات من تجديد ولايته للمرة الثالثة وتقدم العبادي من الصف الثاني الى صف القادة ليرأس حكومة تواجه تنظيم داعش الارهابي والازمة المالية الخانقة مع هبوط أسعار النفط وتكاليف الحرب بالاضافة الى المظاهرات الصدرية والشعبية في نفس الوقت حتى اقتحام المنطقة الخضرار ودخول المتظاهرين الى مبنى مجلس النواب، بالاضافة الى عشرات الازمات المستجدة وتواصل الصراع والاطاحة بالعديد من الوزراء والغاء بعض الوزارات.

إن المنهج الذي إتبعه العلياوي بالاعتماد على الارشفة والملاحظات الشخصية يقنع القارئ بأنه المنهج الوحيد القادر على إستيعاب كل هذه المتغيرات والاحداث وإلا فإن كل قضية او أزمة شهدها العراق في تلك المرحلة يمكن أن تستغرق كتابا كاملا ولذلك جاء كتاب العلياوي ضخما تجاوز التسعمئة صفحة ومزودا بالصور وببعض الوثائق، كما إن موقع العلياوي كنائب سابق ومستشار لرئيس الجمهورية فؤاد معصوم ومكلفا بتمثيل الرئاسة في مجلس الوزراء، منح العلياوي إطلالة واسعة ومميزة تمكنه من الاطلاع على كل زوايا المسرح السياسي والدخول في مناطقه المظلمة والمشاركة في بعض القرارات المصيرية.

لا غنى للباحث وللسياسي عن كتاب د. عبدالله العلياوي إذا ما أراد الاطلاع على الوجه السياسي لمعارك التحرير ضد داعش وآلية التعامل مع الانقسامات المجتمعية وتداعيات الحرب وصعود القوى السياسية الجديدة وخلافات بغداد وكردستان وقضية الاستفتاء على إستقلال الاقليم وقضايا أخرى كثيرة، ليسجل العلياوي حالة إستثنائية في المشهد السياسي والثقافي العراقي لأن المعتاد هو أن يكتب الساسة ويتحدثوا عن أنفسهم وأدوارهم وقلما يهتمون باداء غيرهم، ويحرص الساسة وكبار المسؤولين دائما على التكتم على المعلومات المهمة وعدم الوضوح إذا إضطروا للادلاء بها بينما سار العلياوي عكس التيار ومنح القارئ الكثير من التفاصيل حتى في قضايا تبدو للوهلة الاولى ثانوية أو هامشية مثل التركيز على عدم إلتزام العبادي بمواعيد الجلسات الاسبوعية وابقاء الوزراء في حالة إنتظار، ولولا نظرة المؤرخ السياسي لما إنشغلنا بهذا التفصيل الذي يكشف مع مرور الوقت إن علاقة العبادي بالوزراء ليست جيدة وذات طابع تنافسي ولذلك إستبعد الكثير منهم وخاصة الصقور في أزمة المظاهرات.

هذه ليست إلا عينة مما يوفره كتاب (خلف ستائر القرار) للقارئ فهو حافل بالمفاجآت والمواقف الغريبة والحوارات والجدالات التي تكشف آليات صنع القرار السياسي في العراق وماهية المؤثرات الأشد في إدارة البلاد.



صور مرفقة






أخبار متعلقة
مشاركة الخبر
التعليق بالفيس بوك
التعليقات
استطلاع رأى

هل تتوقع أن تساهم التظاهرات بتحسين مستوى الخدمات

14 صوت - 67 %

0 صوت - 0 %

عدد الأصوات : 21

أخبار