|
10
يوليو
2024
|
سايكولوجيا الجماهير وتاثيرها على ولاءات الأفراد وخيانات السلطة
نشر منذ 4 شهر - عدد المشاهدات : 1694
|
بقلم : مرفت محمد عبدالله
مشهد اغتيال يوليوس قيصر يتردد صداه عبر التاريخ بكلمات "حتى أنت
يا بروتوس" كاشفاً عن عمق الخيانة والغدر. هذه العبارة تلخص أحد أهم المواضيع
التي ناقشها غوستاف لوبون في كتابه "سايكولوجيا الجماهير" حيث يستعرض كيف
يمكن للحشود أن تتأثر وتتحول بسهولة بواسطة العواطف الجماعية بعيداً عن التفكير الفردي
والمنطقي.
في سياق سايكولوجيا الجماهير، يمكن تفسير تصرف بروتوس كجزء من ديناميكية
أكبر، حيث تتحكم العواطف والعوامل النفسية في سلوك الأفراد ضمن الحشود. هذه الديناميكية
تتجلى في قدرة القادة والخطباء على تحريك الجموع وتوجيهها نحو أهداف محددة، حتى وإن
كانت تلك الأهداف تتعارض مع مصالحهم الشخصية أو معتقداتهم العميقة.
يتناول لوبون في كتابه الأساليب التي يستخدمها القادة لتوجيه الحشود،
وكيف أن العاطفة الجماعية يمكن أن تتغلب على المنطق والتفكير الفردي. ومن خلال دراسة
خيانة بروتوس، يمكننا أن نرى كيف تتداخل العواطف الجماعية مع الولاءات الشخصية، مما
يؤدي إلى أحداث تاريخية محورية.
من الأمثلة الحديثة التي تبرز تأثير سايكولوجيا الجماهير يمكننا النظر
إلى أحداث الربيع العربي. ففي عام 2011 انطلقت موجة من الانتفاضات والثورات في مختلف
الدول العربية، حيث لعبت العواطف الجماعية دوراً حاسماً في تحريك الجماهير للمطالبة
بالتغيير والإصلاح. في تلك اللحظات تضاءلت الفوارق الفردية وارتفعت الأصوات الجماعية،
مما أدى إلى تغييرات جذرية في بعض الأنظمة السياسية.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن نذكر الانتفاضات في فلسطين والعراق. ففي فلسطين،
الانتفاضات المتكررة تعكس مدى تأثير العواطف الجماعية في تحفيز الشعب الفلسطيني لمقاومة
الاحتلال والمطالبة بحقوقهم. وفي العراق انتفاضات عديدة شهدتها البلاد تعكس تأثير الجماهير
في تغيير موازين القوى السياسية ومحاولة إصلاح النظام.
في خضم التاريخ البشري تتكرر مشاهد الخيانات والانتفاضات تلك اللحظات
التي تتجمع فيها الحشود وتتغير ولاءاتها بشكل غير متوقع. هذه النظرة تفتح الباب لفهم
أعمق لسايكولوجيا الحشود وللكيفية التي يمكن أن تتحكم فيها العواطف الجماعية في قرارات
الأفراد، مما يجعلنا نتساءل: هل نحن حقاً أحرار في قراراتنا ؟ أم أن الحشود التي ننتمي
إليها تلعب دوراً أكبر مما نتصور؟