|
3
يوليو
2024
|
ضياع العمر من تشيخوف إلى غزة!!
نشر منذ 5 شهر - عدد المشاهدات : 1544
|
بقلم / مرفت محمد عبدالله
مسرحية "الخال فانيا" لأنطون تشيخوف تكشف عن أعظم المآسي مأساة
"ضياع العمر" في حياة لا تتماشى مع تطلعات الإنسان وأحلامه تشيخوف يسلط الضوء
على الأفراد الذين يجدون أنفسهم في بيئة تخنق كل جوانب الجمال والتميز فيهم حتى يصلوا
إلى نقطة تتشوه فيها نفوسهم ويصبح من الصعب عليهم التعرف على أنفسهم. يجد هؤلاء الأشخاص
أنفسهم محاصرين في أعمال لا قيمة لها، محاطين بأشخاص لا يقدرونهم ويعيشون في أماكن
تكبلهم وتجعل حياتهم مملة وبلا معنى. هنا تكمن مأساة الإنسان الذي رغم كل جهوده وتضحياته
لا يلقى الاعتراف أو التقدير ويضيع عمره في مكان وزمان وأشخاص وخيارات خاطئة.
تستحضر هذه الصورة المأساوية وضع غزة اليوم حيث يعيش السكان في ظروف قاسية
ومحبطة تمنعهم من تحقيق تطلعاتهم وأحلامهم. فالحصار المستمر والظروف الاقتصادية الصعبة
تشكل بيئة قاتمة تخنق إمكانياتهم وتحول حياتهم إلى كفاح وصراع يومي من أجل البقاء.
في غزة، يعاني العديد من الأشخاص من ضياع العمر في حياة مليئة بالقيود
والمعوقات. يحاول الشباب تحقيق طموحاتهم في ظل واقع سياسي واقتصادي صعب يعيق مسار حياتهم
ويحد من إمكانياتهم. يشبه هذا الواقع إلى حد كبير البيئة التي يصورها تشيخوف، حيث يجد
الأفراد أنفسهم في وضع لا يمكنهم فيه الاستفادة من إمكانياتهم أو تحقيق أحلامهم.
من خلال تصوير تشيخوف، يمكن أن نتخيل صورة لرجل وامرأة غزاوية يقفان في
مكان مهجور أو مستنقع، محاطين بظلال كثيفة وبيئة قاتمة، ينظران إلى الأفق بنظرة حزينة
ومستسلمة تعبر عن سنوات من الجهد الضائع والشعور بعدم التقدير. هذه الصورة تجسد التشوه
الداخلي وفقدان الذات نتيجة للعيش في ظروف قاسية تعيق كل شيء جميل.
بعد أن فقد الكثيرون أهلهم واحبابهم ومنازلهم وأملاكهم، يتجلى مشهد الأطفال
الذين يكبرون في بيئة تعيق تعليمهم وتحد من فرصهم في الحياة . والنساء اللواتي يتحملن
عبء المسؤوليات في ظل غياب الدعم، والشيوخ الذين يعانون من نقص الرعاية ويعيشون في
خوف مستمر من المستقبل المجهول. فالأرواح تزهق بلا ثمن والأمة العربية تقف صامتة دون
حراك.
هنا تظهر أهمية التمسك بالأمل والعمل من أجل التغيير. مثلما يسعى الأبطال
في مسرحيات تشيخوف إلى مواجهة مصائرهم يجب على الغزاويين والعالم بأسره السعي لتحسين
الظروف التي تعيق تحقيق تطلعاتهم وأحلامهم. قد يكون الطريق طويلاً وشاقاً، لكن الأمل
في مستقبل أفضل هو ما يدفع الإنسان للاستمرار والكفاح من أجل حياة تليق بتطلعاته وأحلامه.