![]() |
|
5
اكتوبر
2025
|
حوار خاص مع المرشح البرلماني السيد منذر الميالي
نشر منذ 2 يوم - عدد المشاهدات : 1862
|
لسنا طلاب مقاعد.. بل بناة دولة
ومشروع وطن
أجرى الحوار: رئيس التحرير – تيمور الشرهاني
في ظلّ تعقيدات المشهد السياسي وتطلّع العراقيين إلى انتخاباتٍ نزيهة
تفتح أبواب الأمل، تسعى جريدة الإعلام العراقي لأن تكون منبراً وطنياً حراً ينقل الكلمة
الصادقة ويطرح البرامج بروح مهنية وموضوعية. ومن هذا المنطلق، أجرينا هذا الحوار الخاص
مع المرشح مستشار رئيس الوزراء السيد منذر الميالي، المرشح عن تحالف الإعمار والتنمية
– تسلسل واحد – كربلاء المقدسة، صاحب المشروع الانتخابي الذي يؤكد أن الانتخابات ليست
غاية بحد ذاتها بل وسيلة لبناء دولة مؤسسات وعدالة اجتماعية.
استهلّ الميالي حديثه بالتعبير عن امتنانه العميق لكادر جريدة الإعلام
العراقي قائلاً:
“أود أن أوجّه تحية تقدير واعتزاز إلى هذه الجريدة الموقّرة وكادرها المتميز.
لقد أثبتم أنكم لستم مجرد ناقلين للأخبار، بل أنتم صوت المواطن الحقيقي، تلامسون همومه
وتطرحون قضاياه بجرأة وموضوعية. إن ما تقومون به ليس مجرد عمل صحفي، بل رسالة وطنية
تسهم في بناء وعي المجتمع وصيانة التجربة الديمقراطية. أنتم شركاء حقيقيون في صناعة
الرأي العام، وأقلامكم الحرة تشكل ضمانة بأن الحقيقة لن تُطمس، وأن صوت العراق سيبقى
عالياً”
دائماً ما تقولون: “الانتخابات ليست ورقة في صندوق، بل مستقبل
وطن”. ما الذي تقصدونه بهذه العبارة؟
عندما أقول إن الانتخابات ليست ورقة، فأنا أعني أنها ليست إجراءً شكلياً
أو مناسبة عابرة تتكرر كل أربع سنوات. الانتخابات هي اللحظة الفاصلة التي يقرر فيها
الشعب إن كان سيبقى يدور في فلك الأزمات ذاتها أم ينطلق نحو بناء دولة حقيقية.
الورقة التي يضعها المواطن في الصندوق هي بمثابة عهدٍ مع الوطن، عهدٌ
يحدد مصير العراق لأجيال قادمة. فهي ليست علامة عابرة، بل هي مسؤولية تحدد اتجاه الدولة:
إمّا نحو مؤسسات قوية وقضاء عادل وتنمية مستدامة، أو نحو الفوضى والفساد والمحاصصة
التي أرهقت الجميع.
وأنا أؤمن أن نزاهة العملية الانتخابية لا تُبنى على القوانين وحدها،
بل على وعي المواطن، لأنه مهما وُضعت ضوابط وإجراءات، تبقى إرادة الناخب الحرّ هي الحصن
الأخير للديمقراطية. لذلك أكرر دائماً: الصوت الانتخابي ليس سلعة، بل أمانة أمام الله
والتاريخ.
صرحتم أن “كربلاء منبع التضحيات واليوم تتحول إلى منبع التفاهمات”.
كيف ترون دور كربلاء في المعادلة الوطنية؟
كربلاء منذ الأزل ليست مدينة عادية. هي نقطة ارتكاز في الضمير الجمعي
للأمة. يوم الطف لم يكن حدثاً عابراً، بل محطة أبدية تعلّمنا منها أن الدم ينتصر على
السيف، وأن الموقف أسمى من المكاسب. ومنذ ذلك اليوم، بقيت كربلاء مرجعاً معنوياً وسياسياً
وأخلاقياً لكل من أراد أن يستلهم معنى التضحية.
لكن اليوم، كربلاء تقدّم بعداً جديداً؛ فهي لا تُعلّمنا فقط معنى الفداء،
بل تبرهن أنها قادرة على أن تكون منبع التفاهمات الوطنية. هي المدينة التي تستقبل ملايين
العراقيين من كل القوميات والمذاهب سنوياً، وتحوّل ذلك المشهد إلى درس حي في الوحدة
والتعايش.
رسالة كربلاء أن العراق يمكن أن يكون أقوى بتوافق أبنائه، لا بصراعهم.
لذلك أرى أنها ليست مجرد رمز تاريخي، بل منصة للحوار الوطني ومكان لإنتاج حلول واقعية
تضمن استقرار البلاد.
هناك من يرى أن السياسيين يبحثون عن الكراسي فقط. هل أنتم مختلفون؟
أنا أقولها بصراحة: الكرسي ليس هدفاً عندي، بل وسيلة. السياسة
التي تختزل في مقعد أو نفوذ شخصي هي خيانة لدماء الشهداء وتضحيات العراقيين. ما قيمة
كرسي بلا مشروع وطني؟ وما فائدة سلطة لا تحفظ كرامة المواطن؟
بالنسبة لي، الكرسي أداة لتحقيق غاية أسمى: بناء دولة مؤسسات عادلة. نحن
لا ندخل البرلمان بحثاً عن لقب أو منصب، بل بحثاً عن عراق يليق بأبنائه، عراق يجد فيه
الشاب فرصة عمل تحفظ كرامته، وتجد فيه الأسرة استقرارها، ويجد فيه المتقاعد رعاية صحية
تليق بعمره، وتجد فيه المرأة حقوقها مصونة، ويجد فيه الطفل تعليماً حديثاً يواكب العصر.
إذا تحولت المقاعد إلى غاية بذاتها، ضاع الوطن بين صراعات النفوذ. أما
إذا كانت وسيلة، فهي تصبح جسراً لتحقيق العدالة والنهضة.
قلتم إن “التغيير الحقيقي لا يبدأ من قاعة البرلمان، بل من
وعي الناس”. كيف يتحقق ذلك برأيكم؟
البرلمان في النهاية مرآة تعكس إرادة الشعب. فإذا كان الشعب واعياً وحرّاً
في قراره، فإن البرلمان سيكون انعكاساً لذلك الوعي. أما إذا استسلم المواطن لليأس أو
باع صوته تحت ضغط الحاجة أو الإغراء، فإن البرلمان سينتج ممثلين لا يمثلون الوطن بل
مصالح ضيقة.
التغيير يبدأ من المواطن البسيط حين يقرر أن صوته ليس للبيع. يبدأ حين
يقف أمام الصندوق ويقول: “هذا الصوت أمانة لأولادي ولأرضي ولدماء شهدائي”. حينها يتغير
البرلمان، ويتغير المشهد السياسي كله.
لذلك أركز دائماً على أن الإصلاح لا يُصنع في قاعات الاجتماعات فقط، بل
يبدأ في وعي المواطن وسلوكه الانتخابي.
ذكرتم أن “السياسة بلا أخلاق مجرد صفقة”. هل يمكن أن تكون الأخلاق
فعلاً أساس السياسة في العراق؟
نعم، بل يجب أن تكون. السياسة إذا جُرّدت من الأخلاق تتحول إلى لعبة مصالح
وصفقات ومساومات على حساب الوطن. وهذا ما عانيناه طويلاً.
الأخلاق ليست ترفاً سياسياً، بل أساس الشرعية. الشرعية لا تُمنح بالقوة،
ولا تُفرض بالتحالفات، بل تُكتسب بالصدق والشفافية. عندما يدير السياسي مشروعه بروح
أخلاقية، تتحول الدولة إلى بيت لجميع مواطنيها، وتتحول السلطة إلى أداة للبناء لا للهيمنة.
اليوم، أكثر ما يحتاجه العراق ليس كثرة الخطط ولا تكديس المشاريع الورقية،
بل استعادة البعد الأخلاقي في العمل السياسي. لأنه بدون الأخلاق، ستبقى السياسة مجرد
صفقات مؤقتة تُدار على حساب الفقراء والمحرومين.
ما هو موقفكم من التحالفات السياسية الكثيرة والمتبدلة؟
التحالفات السياسية بطبيعتها متغيرة، تُبنى على تقاطع مصالح وتنتهي حين
تتبدل الظروف. لكنها ليست البوصلة الحقيقية. البوصلة الثابتة هي إرادة الشعب.
التحالف قد يسقط في لحظة، لكن قرار الشعب هو الأبقى.
فإذا قرر المواطن أن يقول كلمته بوعي، فلن يقوى أي تحالف على كسر إرادته.
لذلك أرى أن التحالفات مهمة، لكن قيمتها الحقيقية تنبع من توافقها مع إرادة الناس لا
من حجمها أو عدد مقاعدها.
قلتم: “الانتخابات المقبلة محطة مفصلية: إمّا دولة مؤسسات أو
دوامة محاصصة”. أي السيناريوين أقرب؟
العراق اليوم أمام خيار تاريخي لا ثالث له: إما أن نؤسس لدولة مؤسسات
قوية قائمة على العدالة وتكافؤ الفرص، أو نستمر أسرى دوامة المحاصصة التي شلّت قدرات
الدولة وأرهقت المواطن.
السيناريو الأقرب يعتمد على وعي الشعب. إذا أصر المواطن على التغيير ورفض
أن يُستغل صوته، فإننا سنعبر إلى دولة المؤسسات. أما إذا استسلم الناس للمحاصصة، فسنبقى
ندور في نفس الحلقة المفرغة.
لكنني متفائل؛ لأنني أرى وعياً شعبياً يتشكل، وإصراراً من الناس على ألا
يضيع مستقبل أبنائهم.
ختاماً، كيف يمكن استعادة ثقة المواطن بالعملية السياسية؟
استعادة الثقة أصعب من كسبها. المواطن العراقي اليوم محبط لأنه لم يرَ
في السنوات الماضية نتائج حقيقية لصوته. لذلك لا تكفي الشعارات، بل نحتاج خطوات عملية
ملموسة:
1. إجراء انتخابات نزيهة وشفافة
بإشراف قضائي كامل.
2. تقديم برامج سياسية واضحة
قابلة للتنفيذ، لا وعوداً فضفاضة.
3. محاسبة جدية للفاسدين مهما
كانت مواقعهم.
4. ربط القرارات الاقتصادية والسياسية
بمصلحة المواطن لا بمصالح النخب.
عندما يرى المواطن أن صوته أحدث فرقاً في حياته اليومية، من خدمات وفرص
عمل وأمن واستقرار، سيعود الأمل، وتعود الثقة، وتستعيد الديمقراطية معناها الحقيقي.
كلمة أخيرة توجهونها للشعب العراقي؟
رسالتي أن العراق لا يُبنى إلا بكم أنتم. أنتم الشرعية، أنتم البوصلة،
أنتم وحدكم القادرون على تحويل الانتخابات من روتين إلى ثورة سلمية للتغيير.
لسنا طلاب مقاعد ولا باحثين عن مكاسب شخصية. نحن طلاب دولة مؤسسات، ودولة
عدالة، ودولة كرامة. مشروعنا أن نصنع عراقاً يليق بأبنائه وشهدائه، عراقاً ينهض من
تحت الركام ليأخذ مكانه الطبيعي بين الأمم.
هكذا اختُتم لقاءنا مع المرشح السيد منذر الميالي عن تحالف الإعمار والتنمية
– تسلسل واحد – كربلاء المقدسة، الذي لم يتحدث بلسان الوعود المكرورة، بل قدّم رؤية
متكاملة تنطلق من وجدان الناس واحتياجاتهم الحقيقية. لقد لمسنا فيه صدق الانتماء ووضوح
الهدف، رجل يضع العراق أولاً وكربلاء في قلبه، ويرى في البرلمان وسيلة لخدمة المواطن
لا غاية لتكديس النفوذ.
إن جريدة الإعلام العراقي إذ تنقل هذا الحوار لقرّائها، ترى في الميالي
نموذجاً للمرشح الواعي الذي يجمع بين الوطنية والجدّية، بين الأخلاق والسياسة، وبين
الحلم والقدرة على التنفيذ. ومن هنا، نترك الحكم للقارئ والناخب الكريم، لكننا نؤكد
أن صوتاً مثل صوته يستحق أن يُسمع، وأن يُلتف حوله، لأنه ببساطة يُجسّد ما ينتظره العراق
من التغيير القادم: إرادة صادقة.. وبرنامج واقعي.. وإيمان لا يتزعزع بأن الشعب هو البوصلة
الحقيقية للوطن