![]() |
|
5
سبتمتبر
2025
|
بين الأمس واليوم… كربلاء تثبت أن العمل الصادق أقوى من كل الأصوات المشككة !!
نشر منذ 1 يوم - عدد المشاهدات : 4446
|
من العدالة الخدمية إلى التحول الرقمي… كربلاء تكتب فصلاً جديداً في التنمية
أجرى الحوار: تيمور الشرهاني
كربلاء المقدسة… مدينةٌ تنبضُ بتاريخها العريق، وتفوح من ترابها رائحةُ
التضحية والفداء، ها هي اليوم تُشرق بوجهٍ جديدٍ يوازي قداسة ماضيها، وجهٍ مرسوم بخطوط
الإعمار والتنمية، وممهور برؤية قائدٍ أدرك أن المدن العظيمة تُبنى بالعدل في الخدمات،
والاتزان في التخطيط، والصدق في العمل.
في قلب هذه النهضة يقف محافظ كربلاء المقدسة، المهندس نصيف جاسم الخطابي،
رجلٌ لا يكتفي بأن يكون شاهداً على تحولات مدينته، بل صانعاً لملامحها الجديدة. بين
مشروع وآخر، وبين حلم يتحقق وآخر يُخطط له، يضع الخطابي كربلاء على خريطة المدن العصرية؛
مدينة تُجسد المعادلة الصعبة: أن تكون قبلة للزائرين ومهوى أفئدة الملايين، وفي الوقت
ذاته بيئة حضارية تليق بأبنائها.
هنا، حيث تتعانق المُجسرات الحديثة مع شوارع واسعة نموذجية، وحيث تتحول
الإدارات إلى مؤسسات رقمية شفافة، وحيث تتنفس المدارس الجديدة الأمل في وجوه التلاميذ،
تُعلن كربلاء أن حاضرها ليس صدفة، بل ثمرة تخطيط دؤوب وعمل متواصل يقوده محافظ آمن
بأن خدمة الأرض الطاهرة لا تقل قداسة عن خدمتها في المواسم المليونية.
في هذا الحوار الخاص مع جريدة الإعلام العراقي، يفتح محافظ كربلاء المقدسة
قلبه وعقله، ليحدثنا عن مشاريع أنجزت، وخطط تُرسم، ورؤية مستقبلية تصنع من كربلاء أنموذجاً
يُحتذى به على مستوى العراق والمنطقة.
افتتحتم مؤخراً مشروع تطوير حي الزهراء في قضاء الهندية، كيف
تضعون هذا المشروع ضمن خططكم التنموية؟
-مشروع تطوير حي الزهراء ليس مجرد مد أنابيب أو رصف طرق، بل هو حزمة متكاملة
من الخدمات تبدأ من الماء والكهرباء والمجاري وتنتهي بالطرق المعبدة والبيئة النظيفة.
نحن نعمل وفق رؤية تعتمد على العدالة المكانية، أي أن الخدمات لا تتركز في مركز المدينة
وحده بل تصل إلى أقضية الهندية والحر والجدول الغربي وحتى أبعد القرى. حي الزهراء يمثل
نموذجاً لهذا التوجه، حيث وفرنا بنية تحتية متكاملة تليق بكرامة المواطن وتفتح المجال
أمام استثمارات مستقبلية. هذا المشروع جزء من خطة أكبر تشمل 72 مشروعاً خدمياً قيد
التنفيذ في مختلف وحدات كربلاء الإدارية.
افتتاح مجسر الإمام الحسن المجتبى (ع) في الهندية كان حدثاً
مهماً، ما أبعاده الاستراتيجية؟
-المجسر جاء استجابة مباشرة لتوجيه دولة رئيس الوزراء السيد محمد شياع
السوداني، ليكون جاهزاً قبل زيارة الأربعين التي تشهد فيها كربلاء تدفق ملايين الزائرين.
من الناحية الفنية، هذا المجسر حلقة وصل رئيسية تربط بين الطرق الخارجية والداخلية،
ويعمل على تفكيك عقدة مرورية كانت تسبب اختناقات خانقة لأهالي القضاء وللزائرين القادمين
من بغداد وبابل. لكن الأهم أننا ننظر إليه كبداية؛ لذلك أعلنا عن مشروع توسعة الشارع
الحولي وتحويله إلى شارع نموذجي بأحدث المواصفات، إضافة إلى الشروع في مجسر جديد بجوار
الحالي. نحن لا نبني لموسم أو زيارة فقط، بل نخطط لعشرين سنة قادمة حيث ستكون كربلاء
مدينة تستوعب النمو السكاني والزيادة في أعداد الزائرين.
لماذا ركزتم على إعادة تأهيل قائمقامية قضاء الهندية؟
-الإدارة هي عقل الدولة المحلي، وإذا لم يكن العقل منظماً وحديثاً فلن
يستطيع الجسد أن يعمل بكفاءة. إعادة تأهيل قائمقامية الهندية كان هدفه خلق بيئة عمل
مؤسسية حديثة، تعتمد على الأنظمة الإلكترونية والمكاتب النموذجية وخدمات المواطنين
الميسّرة. نحن نريد أن يدخل المواطن إلى الدائرة فيجد نظاماً واضحاً، موظفاً متدرباً،
وخدمة تنجز بسرعة. المبنى ليس غاية، بل وسيلة لتحقيق إدارة أكثر فاعلية وشفافية. هذا
المشروع جزء من خطتنا لتطوير جميع المقرات الحكومية في كربلاء وتحويلها إلى دوائر عصرية
تراعي المعايير الإدارية الحديثة.
أشرتم مراراً إلى التحول الرقمي… كيف ستغير هذه الخطوة واقع
كربلاء؟
-التحول الرقمي ليس ترفاً بل ضرورة، وهو المشروع الذي سيغير وجه الإدارة
في كربلاء. بدأنا بخطوات عملية بالتعاون مع شركات رصينة مثل شركة بابل لنظم المعلومات.
رؤيتنا أن تكون جميع المعاملات – من رخص البناء إلى معاملات الجنسية والاستثمار – إلكترونية
بحلول 2030، على أن نصل إلى مدينة ذكية متكاملة عام 2050. هذا يعني: لا طوابير، لا
ضياع للوقت، شفافية كاملة في التخصيصات والمشاريع، وربط إلكتروني بين جميع الدوائر.
نحن نعمل الآن على وضع البنية التحتية التكنولوجية من سيرفرات وأنظمة وشبكات ألياف
ضوئية، لتمكين هذا التحول. كربلاء ستكون المحافظة الأولى في العراق التي تدخل نادي
المدن الرقمية.
ماذا عن الخدمات في الدوائر الحيوية مثل مديرية الجنسية والجوازات؟
-ملف الجنسية والجوازات يمثل عصب حياة الناس، لأنه مرتبط بحرية تنقلهم
وسفرهم وتعاملاتهم الرسمية.
لذلك عقدنا اجتماعاً موسعاً مع قيادات المديرية، ووجهنا بتقليص الروتين
الإداري إلى أدنى حد. نحن نعمل على إدخال نظام الحجز الإلكتروني، وزيادة عدد المنافذ
الخدمية، وإعادة توزيع الكادر بشكل يضمن خدمة أكبر عدد من المواطنين بأسرع وقت. كما
شددت على ضرورة التعامل الإنساني الحسن مع المواطن، لأن الكلمة الطيبة تختصر نصف المعاملة.
هدفنا أن يدخل المواطن الدائرة ويخرج وهو راضٍ عن الخدمة لا مثقل بالهموم.
كيف تعاطيتم مع ملف التربية والتعليم استعداداً للعام الدراسي
الجديد؟
-التربية والتعليم هي الأساس لبناء الإنسان قبل المكان. في اجتماعنا الأخير
مع رئيس لجنة التربية في مجلس المحافظة محمد المسعودي ومدير عام التربية وميض
التميمي ، وضعنا خطة لاستقبال العام الدراسي الجديد بأعلى درجات الجاهزية. هذا العام
سيفتتح 18 مدرسة جديدة في مناطق مختلفة من المحافظة، بعضها بمواصفات دولية تضم مختبرات
ومكتبات حديثة. أطلقنا أيضاً خطة لصيانة وتأهيل 64 مدرسة قائمة. نحن لا نريد بناء جدران
فقط، بل بناء بيئة تعليمية صحية فيها مقاعد جيدة، سبورات حديثة، وسائل تعليمية رقمية.
كل ذلك حتى يحصل الطالب الكربلائي على تعليم يوازي ما يحصل عليه أي طالب في العواصم
العالمية.
لقاءكم بأهالي قضاء الحر كان له صدى واسع، كيف تتعاملون مع مطالب
المواطنين؟
-أنا أؤمن أن اللقاء المباشر مع الناس أهم من أي تقرير رسمي. جلست مع أهالي
قضاء الحر واستمعنا لهم بقلوب قبل الآذان. بعض المطالب تمثل حقوقاً أساسية، مثل الماء
والكهرباء والطرق. وجهت الدوائر المعنية بتنفيذ إجراءات عاجلة وفورية. وهناك مطالب
تحتاج إلى تخصيصات مالية ضمن الخطط السنوية، فتم إدراجها في موازنة 2025. الرسالة التي
أريد إيصالها هي أن المواطن هو شريك في القرار، وأن صوت الناس يرسم خريطة العمل، وليس
أوراق المكاتب المغلقة.
شهدنا دعمكم للباحثين والعلماء الشباب، كيف ترون هذا الملف؟
-كربلاء ليست فقط مدينة مقدسة للزيارة والعبادة، بل يجب أن تكون عاصمة
للعلم والابتكار. لذلك حضرنا جلسة بحثية للباحثة فرح علي الدباغ التي قدمت دراسة متقدمة
في مجال الجينات لعلاج الأمراض المزمنة، وهذا مثال نفتخر به. نحن نعمل حالياً على إنشاء
مركز الإبداع والابتكار في جامعة كربلاء، ورعاية مؤتمر سنوي للعلماء الكربلائيين. دعمنا
للعلماء ليس رمزياً بل عملياً، من خلال توفير مختبرات وتجهيزات ودعم مادي للمشاريع
البحثية. رؤيتنا أن تكون كربلاء مركز إشعاع علمي كما هي مركز إشعاع إنساني وروحي.
ماذا عن القطاع الزراعي ودعم الفلاحين؟
-الفلاح هو العمود الفقري للاقتصاد المحلي، والزراعة هي خط الدفاع الأول
عن الأمن الغذائي. ناقشنا مع اتحاد الجمعيات الفلاحية وهيئة الاستثمار مشاريع عدة لتوسيع
المساحات المزروعة بالحنطة والشعير والخضروات، وإدخال أنظمة الري الحديثة لتقليل الهدر
في المياه. كما وضعنا خطة لإقامة مجمعات زراعية استثمارية توفر فرص عمل للشباب وتزيد
من الناتج المحلي. نحن نريد أن يكون شعار كربلاء في السنوات القادمة “منبر للزيارة…
وسلة غذاء للعراق”.
بهذا النفس الاستراتيجي، يقدم محافظ كربلاء المقدسة المهندس نصيف الخطابي
رؤية متكاملة: كربلاء التي تخدم زائريها وتبني لأبنائها، كربلاء التي توازن بين العِمران
والإنسان، بين العلم والعمل، بين الماضي العريق والمستقبل الذكي.
إنها كربلاء التي تريد أن تقول للعالم: هنا مدينة لا تعرف المستحيل.
وبينما يختتم محافظ كربلاء المقدسة المهندس نصيف جاسم الخطابي حديثه، لم
يغب عن باله أن يخص بالتحية والإشادة أسرة جريدة الإعلام العراقي وكادرها المهني الذي
كان – وما يزال – مرآة صادقة تعكس صورة كربلاء، وتوثّق لحظات التحول والإعمار منذ عام
2004 وحتى يومنا هذا.
وأكد الخطابي أن الكلمة الصادقة لا تقل قيمة عن الحجر الذي يُرفع في مشروع
عمراني، وأن الإعلام حين يكون مهنياً وملتزماً بالمسؤولية الوطنية، فإنه يصبح شريكاً
أساسياً في صناعة التنمية وترسيخ ثقة المواطن.
وباسم كربلاء وأهلها، قدّم المحافظ شكره العميق لكل العاملين في الجريدة،
الذين خطّوا بالكلمة ما يوازي الإنجاز على الأرض، فكانوا شهوداً أمناء على مسيرة البناء،
ورفقاء طريقٍ في مشروع النهضة الذي تتطلع إليه المدينة المقدسة.
كربلاء تتحدث بالإنجاز… والمشاريع أبلغ رد على المشككين.
من الحجر إلى الفعل… كربلاء ترسم خريطة تنمية تفوق التحديات.
الإعمار والتنمية لكربلاء المُقدسة شواهد على الأرض تُخرس لغة التشكيك.