|
2
يناير
2022
|
بعد قرابة عقدين من الزمن.. هل أوفى ساسة العراق الجدد بوعودهم أيام معارضتهم لصدام حسين؟
نشر منذ Jan 02 22 am31 11:13 AM - عدد المشاهدات : 1301
|
الاعلام العراقي/ وكالات
السياسي المستقل
صادق الموسوي اعتبر أن كل الذي كُتب عن مرحلة ما بعد صدام باتفاق جميع القوى السياسية،
انتهى بإعلان أميركا احتلال العراق وإرسالها الحاكم المدني بول بريمر إليه
عادل فاخر/بغداد-
بعد مضي 19 عاما على عقد آخر مؤتمر للمعارضة العراقية لنظام الرئيس الراحل صدام حسين
الذي عرف بمؤتمر لندن في ديسمبر/كانون الأول 2002، يدور تساؤل في أوساط الشارع العراقي:
هل حققت هذه المعارضة أهدافها المرجوة والتوصيات التي تمخضت عن المؤتمر الذي مهّد للغزو
الأميركي الذي أطاح بصدام عام 2003.
ومن بين التساؤلات
أيضا: هل التزم المعارضون سابقا بتوصيات ومقررات المؤتمر بعد أن تسلموا مقاليد الحكم
في العراق؟ وهل كان التوافق والمحاصصة من الأهداف؟ وهل تحقق مبدأ الديمقراطية الحقيقية؟
وهل حقق الدستور الجديد مطالب الشعب وطموحاته؟ وماذا عن الوحدة والتعايش السلمي؟
تطبيق المحاصصة
يقول أستاذ الإعلام
في كلية الإسراء الجامعة الدكتور نزار السامرائي إن الشيء الذي تحقق من مؤتمر لندن
ولا نعرف الكثير من بنوده السرية هو المحاصصة، حيث قسم التمثيل النيابي -وبالتالي التمثيل
بالسلطة- بحسب المكونات وبنسب معينة وهي السارية حتى الآن، وكذلك العمل وفق الديمقراطية
التوافقية التي تلجأ لها الدول للحفاظ على حقوق الأقليات. ورغم ذلك فإن الديمقراطية
الحقيقية غابت بشكل فعلي، وأصبح المبدأ تقسيم السلطة والعمل على نظام المحاصصة بالشكل
الذي جزأ مؤسسات الدولة، لدرجة أصبحت فيه كل مؤسسة منها تعمل بشكل منفصل عن الأخرى.
وأوضح السامرائي
-في حديث للجزيرة نت- أن وحدة البلد والمجتمع تتجه للانهيار، ولا سيما أن هناك محاولات
لتفكيك الدولة العراقية تحت أسماء مختلفة مثل الأقاليم والإدارة اللامركزية وحقوق المكون،
التي لم تسلم منها حتى الأحزاب الليبرالية التي يفترض أنها تعتمد هوية جامعة بعيدا
عن الهويات الفرعية الطائفية أو العرقية. أما السلم الأهلي، ورغم أنه مستقر إلى حد
ما، ولكنه استقرار هش مع استمرار عسكرة المجتمع وانتشار السلاح الذي أصبح هو الحاكم
الفعلي والمسيطر على الأوضاع السياسية والاقتصادية والعسكرية، والذي انعكس على مختلف
الفعاليات حتى الرياضية والثقافية منها، بالشكل الذي يجعل من الهيمنة والاستحواذ المبدأ
الرئيس الذي تعمل وفقه الفعاليات السياسية، وبذلك فإن مؤتمر لندن نجح في تقسيم البنية
السياسية للمجتمع، وشرعنة التدخلات الخارجية بالشأن العراقي.
وكان مؤتمر لندن
يهدف لجمع الأحزاب المعارضة للحكومة العراقية آنذاك، والتحضير لمرحلة ما بعد صدام حسين،
حيث كانت الولايات المتحدة تعد لغزو العراق وإزاحة صدام، فيما شاركت في المؤتمر غالبية
الأحزاب والحركات السياسية المعارضة، الإسلامية منها والليبرالية.
هدف المؤتمر
السياسي العراقي
والنائب السابق الدكتور مضر شوكت، وهو أحد المشاركين في مؤتمر لندن، يرى أن المؤتمر
أتى ليعطي شرعية عراقية للقضاء على ما وصفها بأعتى دكتاتورية عرفها العالم، وأن التوصيات
والأهداف الخاصة بالمؤتمر طُبق منها الجزء الأقل ولم يُطَبق منها الجزء الأكبر، منبها
إلى أن الدستور -الذي لم يكن موجودا أصلا في عهد النظام السابق- كان سيُلبي طموحات
الشعب لو طُبق بروحيته لا بشكله فقط.
وردا على سؤال
عما إذا تحققت الديمقراطية الحقيقية بعد التغيير، قال شوكت للجزيرة نت إن الديمقراطية
في العراق طُبقت من ناحية واحتيل عليها من ناحية أخرى، وذلك لأن الشعب ارتضى أن يستغله
قسم من القوم، مشيرا إلى أن من قاد العراق إلى ما نحن عليه الآن لم يحضروا مؤتمر لندن.
وفي المقابل، يرى
السياسي المستقل صادق الموسوي -وهو أيضا من المشاركين في المؤتمر- أن كل الذي كتب عن
مرحلة ما بعد صدام باتفاق جميع القوى السياسية، انتهى بإعلان أميركا احتلال العراق
وإرسالها الحاكم المدني بول بريمر إليه، مبينا أن المحاصصة أوجدها الأميركيون، ولا
نهاية لهذه الغدة السرطانية ما دام هناك خوف كردي شيعي من ظهور "دكتاتور جديد
يضطهدهم".
ويرى الموسوي
-في حديثه للجزيرة نت- أن هناك ضرورة لوجود ضغط شعبي عارم لتغيير الدستور، وهو الأداة
الوحيدة لتغيير الوضع في العراق، وبوجود هذا الدستور من الصعب جدا الخروج من الأخطاء
والعقد التي خلفها بريمر، فضلا عن عقدة الأكراد التي تقف عثرة في طريق الإصلاح، بسبب
طموحهم في تقرير مصيرهم من خلال إنشاء دولة، وهذا ما يصعب الأمور على العراق إذ يرسم
طريقا مغايرا لما هو موجود، ولكن بضغط شعبي من الجنوب والوسط سيدفع باتجاه التغيير.
تزايد الفقر والبطالة
من جهته، يرى أستاذ
علم الاقتصاد في جامعة البصرة الدكتور نبيل المرسومي أن نسبة الفقر والبطالة ازدادت
مع مرور الزمن، على خلاف ما جاء في البيان الختامي لمؤتمر لندن الذي أكد على إصلاح
الواقع الاقتصادي والسياسي وكذلك حقوق الأقليات. وفي الجانب الاقتصادي، أشار البيان
إلى التدهور الاقتصادي الذي كان يعيشه العراق، وحجم الموارد وحل مشكلة الديون المترتبة
على العراق، ولكن بعد نحو 20 عاما على صدور البيان الختامي لم تنخفض نسبة الفقر في
البلاد بل وصلت إلى 31%، وكذلك مستوى البطالة في تصاعد مستمر والبنى التحتية متهالكة.
وقال المرسومي
للجزيرة نت إن أي انتعاش حقيقي لم يحصل للعراق طوال هذا المدة، وبقي أسيرا لقطاعه النفطي
مع تراكم الأزمات، خاصة أن طبيعة النظام السياسي قائمة على المحاصصة السياسية، حيث
منعت الكوادر العراقية المتقدمة من أن يكون لها دور كبير في قيادة الجانب الاقتصادي.
بناء مؤسسة عسكرية
وعلى الصعيد الأمني
والعسكري، يقول الخبير الأمني صفاء الأعسم إن الجميع كان متفائلا في عملية تغيير النظام
التي حدثت عام 2003، وكنا نتوقع أن يكون هناك تنظيم أفضل على المستوى العسكري والأمني،
ولكن ذلك لم يتحقق خاصة بعد قرار بريمر حل الجيش السابق، وهو ما انعكس سلبا على أداء
المؤسسة العسكرية، خاصة أن عملية بناء القدرات العسكرية الجديدة كانت تتطلب أن تكون
بقدرات عراقية، لكن التوجه الأميركي حال دون ذلك على مستويات التسليح والتدريب والتجهيز.
ويؤكد الأعسم للجزيرة
نت أن المؤسسة العسكرية تطورت خلال السنوات الأخيرة خاصة بعد عام 2014، ونتوقع أن يكون
الجيش العراقي أكثر كفاءة خلال السنوات المقبلة بعد اكتسابه خبرة أكثر بقتاله تنظيم
الدولة الإسلامية في المدن وفي ظروف صعبة، مشيرا إلى أهمية القضاء على المحاصصة في
المؤسسة العسكرية من خلال إبعاد غير الأكفاء في القيادات العسكرية، واعتماد الكفاءة
والنزاهة في العمل، وإبعاد التدخلات السياسية في عمل الجيش.
وأكد المجتمعون
في مؤتمر لندن -ضمن التوصيات- على أهمية إعادة بناء المؤسسات العسكرية والقوات المسلحة
العراقية على نحو مهني ووطني سليم، بعيدا عن نزعات عسكرة المجتمع والصراعات الداخلية
وسياسات التمييز القومي والطائفي.
الخداع الأميركي
من جهته، يرى المحلل
السياسي إبراهيم السراج أن مقررات مؤتمر لندن لم تكن موثقة رسميا، ولم تودع نسخة منها
لدى الأمم المتحدة بحسب السياقات المتبعة، مما جعل مقرراته حبرا على ورق، ويبدو أن
الإدارة الأميركية قد خدعت الأحزاب السياسية والشخصيات المنخرطة في المؤتمر بهدف جمع
المعارضين لنظام صدام والاستفادة منهم في مرحلة ما بعد إسقاطه، ولضمان موافقتهم على
التحرك عسكريا لغزو العراق.
وقال السراج للجزيرة
نت إن الأحزاب السياسية المعارضة للنظام لم تضغط على الإدارة الأميركية في مجال بناء
ديمقراطية حقيقية ثابتة تؤدي بالنهاية إلى الحكم الرشيد واحترام حقوق الإنسان وحرياته،
وقد انشغل المعارضون بملذات السلطة حتى أنهم لم يعترضوا على الانتهاكات الخطيرة التي
مارستها سلطات الاحتلال في العراق، أما الدستور العراقي فهو أيضا يحمل عشرات الألغام
والأخطاء التي عرقلت الديمقراطية، كما أن التوافق الذى بنيت عليه العملية السياسية
وبأوامر أميركية قد نسف الدستور، ونسف معه قيام أي نظام ديمقراطي حقيقي.
المصدر : الجزيرة