![]() |
|
20
مارس
2018
|
الحوار في فكر الفقيه الصدر
نشر منذ Mar 20 18 pm31 04:36 PM - عدد المشاهدات : 229
|
بقلم / هادي جلو مرعي
ايام ندرة العمائم في تسعينيات القرن الماضي
كنت أتوق لسماع الأحاديث الدينية، وحين كانت الطائفة الشيعية تدفع ثمن تلك الندرة كنت
اتابع التلفزيون في ايام رمضان المبارك، وكان لافتا ظهور رجل دين شيعي يخاطب الناس
عبر تلفاز تديره سلطة من نوع خاص لاتفتح الابواب إلا بحسابات مدروسة.
كان الفقيه العلامة السيد حسين إسماعيل
الصدر يطل بعد مدفع الإفطار في حديث رمضاني متحدثا عن فضيلة الصوم، وحسن الخلق، والإيمان،
وكنت أترك كل شيء، وأهتم بصوت السيد الصدر الشجي. والشيعة كغيرهم ينتمون لمدارس سياسية
وفكرية مختلفة ضمن منظومة واحدة في الظاهر، لكنها تتعدد في الداخل، والفقيه الصدر ينتمي
للمدرسة الأكثر إنفتاحا وإهتماما بالحوار والتقارب والتواصل مع المخالفين لهم.
بعد عشرين عاما سنحت لي فرصة اللقاء بالسيد
في مكتبه بالكاظمية، وكان حديثه كعادة آل الصدر يرسخ مبدأ الحوار للتواصل، ويؤكد إن
الحوار ليس لتغيير الآخر، بل لتأكيد التواصل بين الأمم. فحين تستهدف تغيير الآخر لايكون
ذلك حوارا بل محاولة لتحقيق مكاسب على حساب الإنسانية، بينما التواصل يرسخ مفاهيم العلاقة
الطيبة، وحسن المعاشرة، وإحترام الخصوصية، وعلى مبدأ. إما أخ لك في الدين، أو نظير
لك في الخلق. وقبل ذلك قول الرب الجليل.. ولقد كرمنا بني آدم. وقوله. ياأيها الإنسان.
الله جل وعلا يريد الإنسان قبل إنتمائه
وجنسيته ولونه ولغته لأن تلك التوصيفات تعني الفرقة بين البشر، ولكن إنسانيتهم يجب
أن تكون هي الغالبة. واحدة من إشارات السيد. إن الوطنية هي الأساس الذي يعتمد عليه
الإنسان في عمله وتضحيته وعطائه، وحين يكون محبا لوطنه يكون مخلصا له، وصادقا في عطائه.
وعندها يكون عطاؤه عمليا وليس نظريا، وعندما يفهم ذلك يتقدم الوطن على المصلحة الخاصة،
ولايكون الإنسان إلا مضحيا مخلصا معطاءا، وقادرا على البذل في كل وقت.
المدهش في تفكير العلماء الذين لاينظرون
الى الأمور بمنظار التعصب لمذهب فكري، أو لطائفة ودين، بل ينحازون للإنسان لأنهم لايتقيدون
بقوانين الطوائف، ويكون القانون الإنساني هو المعيار، وهو الحاكم على العقل والضمير.
وفي أيام تكاثر العمائم تتحول الندرة من
العمائم كما في التسعينيات الى كثرتها بعد ذلك، لكن ببقاء الحاجة الى النوع. والسيد
الفقيه من هذا النوع الذي لايتغير لأنه يتصل بالجميع، ويريد لقاء اتباع الديانات والمذاهب
ليسمع منهم، ويتحدث إليهم لأن الله سبحانه لايميز بين عباده، والعالم هو من يتخلق بأخلاق
الله.