23
أغسطس
2024
كربلاء دولة الإنسانية والحسين عاصمتها
نشر منذ 2 شهر - عدد المشاهدات : 158



كتب / صبيح فاخر 

في كل عام تشهد كربلاء المقدسة ولمناسبة أربعينية الإمام الحسين (عليه السلام ) تجمعًا إنسانيًا عالميًا غير مألوف في كل التجمعات البشرية التي تحدث هنا أو هناك حول العالم .. ولعل ما يميز هذا التجمع أنه يعكس قيم ومبادئ إنسانية غاية في السمو والرقي وتذوب من خلالها كل القيود والفوارق الطبقية التي تحول دون تقارب الشعوب على اختلاف توجهاتهم، وتتحقق من خلاله وبشكل تلقائي وعفوي ودون أي تدخل مهما كان نوعه علاقات إنسانية خالية من المصالح والغايات والمكاسب التي تسعى العديد من الدول أثناء عقد لقاءات أو اجتماعات وعقد اتفاقيات متبادلة إلى تحقيقها وفق ما تقتضيه مصالحها. 

كربلاء المقدسة .. التي يحج إليها الملايين من الناس وفي مناسبات عديدة وعلى مدار السنة، ربما لا يتصور البعض أن مثل هذه الحشود المليونية أن تتسع لاحتضانها مدينة صغيرة بحجم كربلاء، وكيف يتم إطعام أو إقامة مثل هذه التجمعات الكبيرة، بل والأهم من كل هذا هو كيف يتم تأمين الحماية الأمنية لهم .. وهنا لابد أن نقول ولربما يشاركني القارئ الكريم الاعتقاد أن أمن هذه الملايين يأتي تلقائيًا من الشعور بالمسؤولية الفردية لكل زائر يحضر إلى كربلاء، وهذا الشعور يعزز الإجراءات الأمنية التي تقوم بها الجهات المختصة بذلك، وهي إجراءات قد تكون في بعض الأحيان غير منظورة ولا تضع قيودًا على حركة الزائرين .. وهذا باعتقادي أمرٌ مهم عندما يتوفر الأمن لملايين الناس ومن مختلف الجنسيات وعلى امتداد مساحة العراق وصولًا إلى كربلاء .. 

نقل لنا أصدقاء كثر حضروا أولمبياد باريس مؤخرًا أن إجراءات أمنية مشددة فرضت هناك على الرغم من كونه تجمعًا رياضيًا عالميًا جاءوا بدعوات رسمية وتأشيرات دخول وتذاكر سفر، وكانت تلك الإجراءات على أهميتها كونها من مسؤولية الدولة المضيفة لحماية ضيوفها قد أفرغت باريس من طابعها السياحي وتقدمها العمراني والحضاري بنظر الضيوف .. 

إلا أن هذا التجمع الرياضي لم يكن ليشكل أي نسبة مقارنة مع ضيوف كربلاء من الملايين الذين لم توجه لهم أي دعوات سوى إيمانهم المطلق لإحياء شعيرة إيمانية أثبتت الوقائع أنها لم تقتصر على الشيعة أو المسلمين فقط، إنما من أديان ومذاهب وطوائف متعددة إيمانًا منها برسالة الحق والعدل السمحاء التي حمل لواءها الإمام الحسين عليه السلام واستشهد من أجلها. 

وهنا لابد من القول ومن خلال ما أثبتته الوقائع أن كربلاء أصبحت دولة الإنسانية التي تتعزز من خلالها وشائج الوحدة الوطنية بل والإنسانية، والإمام الحسين عليه السلام أصبح منارة وهوية إنسانية غاية في السمو والرفعة كونه دافع عن مبادئ وقيم ورسالة يتوحد من خلالها دعاة الحق والمحبة والتآلف وأنصار السلام من كل أرجاء المعمورة .. وفي كربلاء تسمو قيم الألفة والكبرياء ويتجلى واضحًا وكأن جميع من في كربلاء لإحياء الزيارة الأربعينية هم من طيف واحد على الرغم من التنوع البشري. 

وحسنا فعلت الحكومة المحلية في كربلاء المقدسة وفي مقدمتهم محافظها المهندس نصيف الخطابي وعتبتيها المقدستين الحسينية والعباسية الذين جعلوا لكربلاء أهمية بالغة من حيث العمران والبناء لضيافة وإيواء زوارها من الملايين على مدار السنين، وهذا هو واجب الضيافة.



صور مرفقة






أخبار متعلقة
مشاركة الخبر
التعليق بالفيس بوك
التعليقات
استطلاع رأى

هل تتوقع أن تساهم التظاهرات بتحسين مستوى الخدمات

14 صوت - 67 %

0 صوت - 0 %

عدد الأصوات : 21

أخبار