|
21
ديسمبر
2017
|
محطات في تاريخ شرطة العراق: الاحتيال الاستثماري توظيف الاموال: (سامكو) مثالاً!!
نشر منذ Dec 21 17 am31 09:33 AM - عدد المشاهدات : 2148
|
الصورة من تايتل المسلسل التلفزيوني (سامكو)
محطات في تاريخ شرطة العراق:
الاحتيال الاستثماري توظيف الاموال: (سامكو)
مثالاً!!
هل تتذكرون (سامكو)الشخصية المثيرة للجدل؟
القانون لا يحمي المغفلين:
هناك مصطلح يتداوله القانونيون هو مقولة
(القانون لا يحمي المغفلين!)، ومعناه ان القانون لا يحمي من يعطي امواله برضاه وسذاجته
لمحتال دون ان يبذل الجهد اللازم للتحقق من مقاصد المحتال. وهناك من يعترض على هذه
المقولة ويرى ان القانون يحمي ذي الغفلة بسبب قلة خبرته ويبطل العقد للغبن الفاحش،
ويعاقب على جريمة الاحتيال وبذلك يرون ان لا صحة لهذه المقولة على اطلاقها.
هذه المقولة القانونية الشهيرة تقودنا لتفسير
قصة (سامكو) الزعفرانية الظاهرة الاقتصادية المثيرة للجدل، التي كانت حديث المجتمع
البغدادي عامة ومنطقة الزعفرانية وما حولها خاصة بل وحتى المحافظات.. شاب بسيط في مقتبل
العمر استغل ظرف الحصار الاقتصادي اول التسعينات (٩٢ - ٩٣) ليمارس اكبر عملية ظاهرها
تشغيل اموال بارباح خيالية تصل الى ٣٠٪ وقيل ٥٠٪ فتدفقت عليه الناس باموالها ومدخراتها
للتشغيل على امل الربح السريع والوافر، وكل ما كان يفعله سامكو هو تدوير المال، ياخذ
من الاخير ويدقع جزء منه للمشغلين القدامى مع العلم ان نسبة كبيرة تصل الى 90% من المشغلين
كانوا لايستلمون ارباحهم ويطلبون منه تسجيلها زيادة في رؤوس اموالهم لديه!!!.
من الجدير بالذكر هنا أن (ظاهرة سامكو)
لم تقتصر على الزعفرانية ومحافظة بغداد فقط، بل كانت موجودة في المحافظات خلال فترة
الحصار، وايضا انكشفوا وحصلت مشاكل مع الناس المخدوعين وكانت هناك نساء عملن بهذا المجال
. وكان لسامكو عدد كبير من الوكلاء والمساعدين في عدد من مناطق بغداد يقومون بتجميع
الاموال من المستثمرين!!! ومنهم علاء ونهاد ويطلق عليهم علاءكو ونهادكو ..
ابتدأت العملية في منطقة الزعفرانية وما
حولها وانتشرت للمحافظات، وصار سامكو حديث الناس كلها وموضع احلام الناس بالثراء السريع،
وصار اهل الزعفرانية يتحدثون عن وعود حالمة بان سامكو سوف يحوّل مدينتهم خلال سنتين
الى مدينة شبيهة بدبي او الكويت!!! والملفت للانتباه ان نسبة اكثر من ٩٠٪من المستثمرين
لدى سامكو كانوا يرفضون استلام الارباح الخيالية ويطلبون اضافتها الى راسمالهم لديه،
مما يسمح له بتدوير الاموال، ومن استلموا ارباحهم اشتروا بها ادوات واجهزة منزلية لتحسين
احوالهم المعيشية. وعمليا فان سامكو كان يحقق الارباح المزعومه من وارداته من المسجليين
حديثا ليسلمها الى المسجلين قديما وهذه العملية كانت لاتؤثر على راس المال المتوفر
لديه ولكن عند التوقف لمدة ستة اشهر او اكثر بقليل وهذا ماحصل فعلا لديه اصبح لزاما
عليه التسديد لمجموعة المسجليين اكبر من توفيرها لهم وهنا حصلت المشكلة عنده وانتكست
اوضاعه وبان للمشتركين عجزه بالتسديد وحصل ماحصل.
انا وسامكو:
كنت حينها مدير شرطة بغداد الرصافة وكنت
اسمع عن قصته من الناس، ولم يتقدم احد الينا للشكوى ضده، ولا نستطيع اتخاذ اي اجراء
ضده لعدم وجود مشتكي او جريمة!! ولأن الموضوع يقع ضمن اختصاص الامن الاقتصادي، ولكن
في يوم من الايام وجدت سامكو ومعه ضابط المنطقة يزورني في مكتبي بشرطة بغداد، وهو يحاول
اقناعي !!! للاشتراك في مشروعه المنتج؛ فاعتذرت لانني غير مقتنع بالعملية من اساسها،
وسألته عن مجال التشغيل الذي يوفر مثل هذه الارباح، فاخبرني (انه من تجارة الاطارات)!!
واطلعني على بعض سجلات المسجلين لديه وبينهم اسماء شخصيات معروفة، وقلت له (انا لا
اصدق بان تجارة الاطارات يمكن ان تحقق مثل هذه الارباح الخيالية خاصة وان استيراد الاطارات
كان متوقفا بسبب الحصار وما يتداول في السوق هو بقايا المخزون قبل الحصار)..
لم تمض سوى اسابيع قليلة على اللقاء حتى
تم القبض على سامكو من قبل الامن الاقتصادي وعرض من خلال شاشة التلفزيون؛ بحوار تحقيقي
قام به الاستاذ فيصل الياسري وتشكلت لجنة خاصة للنظر في قضايا المتضررين وتعويضهم بقسمة
الغرماء، واشيع ان اموال المسجلين لدى سامكو تجاوزت الـ١٠ مليار دينار، ولكن حسب معلوماتي
الشخصية تم تعويض المتضررين تعويضاً جزئياً (قسمة غرماء) وليس كلي للمتضررين.
الذي عرفته من اهل الزعفرانية عن (سامكو)
انه إنسان شاب بسيط ووديع يحب الناس ويساعد المحتاجين منهم، وقد قام بتبليط شارع كامل
في المنطقة، كما أعطى مساعدات مالية إلى عمال عند مساطر انتظار العمل، وليس لدى سامكو
عمل تجاري يقوم به إلا أنهُ يقوم بتدوير الأموال عند أخذها من الناس بقصد تشغيلها وإرجاعها
إليهم مع فائدة شهرية.
تحولت قصة سامكو مؤخرا الى مسلسل تلفازي
مؤدلج ايضاً لمقاصد سياسية معلومة بفرضية ان سامكو صنيعة النظام السابق، وقصد النظام
منه هو سحب الفائض النقدي من السوق بعد انهيار العملة العراقية وارتفاع معدل التضخم!!
وهو ادعاء لم اجد له اثباتاً.
(سامكو) مهما قيل او كتب عنه فهو كان يشكل
(ظاهرة) استغلت سذاجة الناس وقلة الوعي بالاقتصاد والسوق وحالة الضنك التي عاشتها الناس،
والحلم بمكاسب نقدية وثراء سريع بلا تعب، وهو احدى الافرازات الاجتماعية ومظاهر (السلوك
الجمعي) في فترة الحصار الاقتصادي الظالم، وللاسف لم تنل الظاهرة استحقاقها من البحث
والتحليل والتوصيف ودراسة الاسباب والنتائج!!.
يرى احد المختصين أن الدولة وقتها كانت
في حيرة من الموضوع، فإن هي تركت الموضوع فإن الكثير سيكتشفون في الآخر مدى الخسارة
التي تكبدوها وسيلومون الدولة لعدم التدخل، وهي إن تدخلت مبكرا فسيقولون تدخلت لتحرمنا
من الأرباح وهو ماحدث فعلا إذ كثير من ( المستثمرين) غضبوا من إجراءات الدولة وقالوا
انهم يستلمون أرباحا ولم يكن هناك مشتكي وكل من له عقل سليم عرف أن موضوع سامكو مغامرة
ليس إلا، فهو يقوم بتدوير النقد ويعطيهم أرباح غير معقولة من رؤوس أموال جديدة وهكذا.
الذي عرفناه فيما بعد أن هناك اشخاص شبيهين
لسامكو برزوا في عدد من المحافظات. فقد قيل ان ضابط متقاعد في الموصل اسس شركة وهمية
لتشغيل اموال المستثمرين ومنحهم فوائد شهرية مجزية، وفجأة اختفى تاركاً الناس في حيرة
وحيص بيص. كما ان هناك قصصا عن امرأة جمعت مخشلات نصف نساء احدى المدن العراقية وقبض
عليها وحكم عليها بتهمة الاحتيال. ويقال وقع نفس الشيء من قبل امرأة في الموصل ولكن
ليس بمستوى(سامكو) حيث قامت بفتح مكتب ضخم في المنطقة التجارية على كورنيش الموصل قريبا
من غرفة تجارة الموصل والمكتب يعج بالموظفين والموظفات والمحاسبين على ادعاء انها تدير
شركة استثمارية بالتجارة وغيرها.، وكثر عملائها وكانو من جميع فئات المجتمع من اطباء
ومهندسين ومحامين وتجار وغيرهم. واستلمت مبالغ طائلة واستمر عملها مدة طويلة واخيراً
كشف امرها واحيلت الى القضاء وصدر بحقها احكام متعددة.
حادثة سوق المناخ الشهيرة في الكويت:
موضوع سامكو يذكرنا بما جرى في (سوق المناخ)
بالكويت عام 1982 حيث خسرت الحكومة تعويضات بلغت اكثر من 90 مليار دولار للمتضررين،
ويقال ان احد اسباب تجاوز الكويت لحصتها في اوبك كان لسد تعويضاتها في سوق المناخ لان
المتضررين كانوا ايضا من العائلة الحاكمة بالاضافة الى رجال اعمال وتجار ومواطنين عاديين
.
ظاهرة مصرية ايضاً:
ظاهرة شركات الاستثمار الخيالية مستوردة
من مصر ايام شركات (النور والبركة) و (الريان)، وغيرها. ولو بحثت عن السبب سيكون واحداً
الفاقة التي أخذت بتلابيب الناس بعد الانفتاح في مصر.
كما ان هناك من يرى ان قصة سامكو مشابه
لحد ما لقصة فلم رمضان فوق البركان للفنان عادل إمام والذي انتج في منتصف الثمانينات.
اول قضيه نصب هزت العالم العربي من هذا
القبيل كانت في مصر خلال الثمانينات والتي قامت بها مجموعة (شركات الريان) والتي تحولت
مؤخراً الى مسلسل تلفزيوني يحكي قصه الاخوه الريان وتاريخ نشاتهم وكيف استطاعوا جمع
ملايين الدولارات والجنيهات من خلال شركة الاستثمار بالاموال. وكان يديرها رجل الاعمال
المصري أحمد توفيق عبد الفتاح وشهرته أحمد الريان ولد في عام 1956 حتى توفي في السادس
من يونيو 2013 ، وهو رجل الأعمال ومؤسس الريان المصرية. اتهم أحمد الريان في قضية توظيف
الأموال ، في عام 1989 ، بينما تم الأفرج عنه في أغسطس 2010 بعد قضاء 21 عاما خلف القضبان
. بدأت شركة الريان التجارية في المرحلة الابتدائية حيث بدأ مع زميله الذي كان موهوبا
في الرسم وإتقانه للخط العربي في صناعة ميداليات من الخشب من بعض انواع الأشجار في
احد المحافظات ، ثم كان يقوم ببيعها للمخازن ، وفي عام 1967 تم تصميم فوانيس الريان
للسيارات باللون الأزرق مقابل عشرة قروش (أي بمقابل زهيد بما لها قدر كبير في هذا الوقت)
. في المرحلة التحضيرية تاجر الريان في المذكرات الدراسية وطباعتها ، ثم تاجر في المواد
الغذائية ، كما كان يفتح مجالات اعمال مختلفة مثل التجارة في البيض وتوفيرها لمحلات
السوبر ماركت.
درس أحمد الريان في كلية الطب البيطرى وقبل
تأسيس شركة الريان بثلاث سنوات كان يعمل في المبادلات التجارية العالمية والمالية عن
طريق المضاربة لم تعتمد شركة الريان على النصب، بل قيل أن نظام حسني مبارك أجبر الريان
على اعلان افلاسه لأنه رأى شركته هذه مصدر تهديد للنظام المصرفي المصري .
افرج عن الريان من السجن حتى أغسطس
2010 – بعد قضاء سبع سنوات من انتهاء مدة عقوبته – حيث اتهمه وزير الداخلية السابق
حبيب العادلي بالابتزاز، مدعيا أنه طلب من الريان دفع 10 مليون جنية مقابل أن يطلق
سراحه من السجن. ادعى الريان أن الحكومة ما زالت تحتجز بعض ماله ويقول بعض الناس أيضا
أن الدولة اجبرت شركته الى اعلان الافلاس في الوقت المناسب لحماية النظام المصرفي ،
في حين تعرض الكثير إلى الخسائر الكبيرة كما قام الريان بتعويض المودعين .
قصة الريان تحولت الى مسلسب تلفازي بإسم
الريان بطولة الممثل “خالد صالح” ولكن المسلسل شوّه صورة عائلة الريان، وهناك العديد
من النقاط الخلافية في تصوير المسلسل عن قصة حياة الريان. ورغم وعود منتج المسلسل لعائلة
الريان انه سوف يطلعهم على السيناريو ويدعوهم لحضور التصوير، الا انه لم يفعل، لكنه
اكتشف العديد من الأخطاء في المسلسل التي شوهت سمعة اسرته ، وصرح انها قصة وهمية .
ظاهرة دولية:
ظاهرة تشغيل الأموال بالتدوير، ليست ظاهرة
محلية بل هي ظاهرة عالمية وقعت في دول عديدة، وتسمى (خدعة بونزي Bonzi scam ) نسبة الى مخترعها (تشارلز
بونزي) اول من انشا طريقة الاحتيال وتسمى احيانا (الاحتيال الهرمي) و هي خدعة تقوم
على صرف أرباح من خلال إدامة سحب أموال جديدة بصورة مستمرة.
ولد شارلز بونزي في لوجو في ايطاليا في
عام 1882 وهاجر لامريكا في 1903 ثم عمل بونزي أثناء وجوده في كندا عند أحد الإيطاليين
والذي كان يمتلك مصرفا للاستثمار العقاري. ولكن سرعان ما اعلن إفلاسه بعد ما تراكمت
عليه الديون. واكتشف بونزي أول درس له في الاحتيال بشكل واسع بحيث كان مواطنه يغطي
الفائدة الكبيرة 6% التي كان يدفعها لزبائنه و ليس من فوائد البنك كما كان يزعم وإنما
من نقود المدخرين الجدد نفسها ليوهم أن البنك يحقق أرباحا فتزيد ثقة العملاء به وتزيد
معها مدخراتهم. رغم أن الأصول العقارية في ذلك الوقت كانت أدنى مستوياتها وسرعان ما
تسارعت الأمور واكتشفت الخدعة واضطر صاحب البنك للهروب إلى المكسيك.وذهب معهم بونزي
لفترة من الوقت ولكن سرعان ما عاد إلى أمريكا. لينضم خلال فترة من الزمن إلى عصابة
في تهريب المهاجرين الإيطاليين بين الحدود الأمريكية الكندية.وتم القبض عليه و زج في
السجن ليقضي هناك سنتين. ليقوم بعدها بعمل دليل تجاري فيما يشبه الصفحات الصفراء. إلا
أنه فشل مشروعه حتى أرسلت شركة أسبانية رسالة تطلب فيها دليله وضمنت رسالتها كوبون
بريدي. الكوبون هذا يمكن استبداله بطوابع بريدية كبديل للنقود على أن يرسل لها الدليل
إلى إسبانيا. لم يكن بونزي يعرف شيء عن هذه الكوبونات بعد. ولما اكتشف أنه يوجد فرصة
تجارية كبيرة. بحيث كان هنالك فرق كبير بين سعر شراء الكوبون في إيطاليا وصرفه أو استبداله
بطوابع بريدية في أمريكا. فكان شراءه في إيطاليا رخيصا بينما يمكنك من الحصول على طوابع
بريدية ذات قيمة في أمريكا. وقدر بونزي الفائدة من هذه العملية ب 400%. وأخبر الكثير
من أقاربه لينضموا لمحفظته التي تتاجر في كوبونات الطوابع البريدية. وكان عرض بونزي
حينها فائدة تتجاوز 50% خلال 45 يوما. وانتشر خبر محفظة بونزي وبالفعل تم دفع الارباح
للمستثمرين. وظف بونزي الوسطاء والوكلاء لجمع الاموال من المستثمرين. مبدئيا استطاع
بونزي بتجميع 500 دولار وخلال فترة بسيطة تم جمع 30000 دولار. من ثم علم أخرون عن محفظة
بونزي في ولايات أخرى وازدادت الاموال المستثمرة. وخلال سنة واحدة كانت الاموال المستثمرة
لدى محفظة بونزي تتجاوز الملايين. ومن ثم قام بونزي بالاستيلاء على جزء كبير من أسهم
بنك هانوفر في بوسطن، وتمكن من أن يصبح رئيسا تنفيذيا للبنك.
وتتم عملية الاحتيال عن طريق دفع فوائد للمستثمرين الأقدم من اموال المدخرين الجدد. وايهام الناس بانها أرباح وفوائد أموالهم. ووعد عملاءه بنسبة أرباح تصل إلى 50 ٪ في غضون 45 يوما، و100 ٪ في غضون 90 يوما، عن طريق شراء الكوبونات البريدية في بلدان مختلفة وبيعها وانجاز لها في القيمة الاسمية في الولايات المتحدة، باعتبار ذلك شكلا من أشكال التحكيم. ومع مرور الوقت أصبح دخله لا يقل عن 250000 دولار يوميا في عام 1920. وألقت الشرطة الاتحادية القبض عليه.