4
مارس
2018
الصناعات اليدوية العراقية: استحضار البابليين والبدو
نشر منذ Mar 04 18 pm31 08:21 PM - عدد المشاهدات : 1502

عطيل الجفّال:تلقى الصناعات اليدوية، كالفخار والنسيج والخوص والقش والقصب، رواجاً في العراق خلال الآونة الأخيرة، بسبب انتشارها في الأسواق المخصصة، أو في محلات داخل المولات المنتشرة في المدن العراقية. يعزو لانس كوركيس، صاحب أحد محال الأنتيكات في مول تجاري كبير وسط العاصمة بغداد، سبب الإقبال على هذه الصناعات، وخصوصاً الصوفية منها، إلى تنامي طبقة مخملية في العراق، إضافة إلى اقتنائها من قبل المغتربين العراقيين الذين يزورون البلد، ويعودون بها إلى دول إقامتهم كهدايا تحمل عبق الشرق الذي يبهِر الغربيين. ويضيف كوركيس، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الصوف يدخل في صناعة السجاد بشكل أساسي، ثم هناك صناعات وجوه الوسائد والمفارش الكبيرة للجلوس أو اللوحات التي تعلق على الجدران، لافتاً إلى أن سعر المتر المربع الواحد من هذه الصناعات يصل إلى مائتي دولار ولا يقل عن العشرين دولاراً، وذلك يعتمد على دقة العمل وطبيعته، مشيراً إلى أن هذه الصناعات لا زالت حكراً على البدو الرحل أو الغجر في مناطق مختلفة من البوادي العراقية، وخاصة في باديتي النجف والسماوة. ويقول كوركيس إن هذه الصناعات تبدأ من جز الصوف، ثم غزله، ومن ثم تلوينه ونسجه، وانتهاءً بخياطته بطرق صعبة جداً، مشيراً إلى أن العمل في السجادة الواحدة قد يستغرق أكثر من ثلاثة أو أربعة أشهر، وتحتاج إلى صبر كبير في صناعتها.

 

منحوتات على الطريقة البابلية

علي عاصم، صاحب أحد المحلات في وسط العاصمة المتخصصة بالصناعات اليدوية، يقول إن القطع التقليدية تتنوع بين الفخاريات والخوص (المصنوعات من سعف النخيل)، بالإضافة إلى مصنوعات القش والقصب. ويضيف عاصم في تصريحات صحفية أن الفخاريات تشهد إقبالاً كبيراً من المتبضعين، وهي تصنع في محافظة بابل التي تشهد انخفاض عدد المشتغلين في هذه الصناعات، كونها لا زالت تصنع إلى الآن على الطرق البابلية القديمة التي يعود تاريخها إلى أكثر من خمسة آلاف عام. لافتاً إلى أنّ تميز هذه القطع يكمن في عدم تشابه واحدة مع الأخرى، أي لا تدخل في صناعتها القوالب الجاهزة، بالإضافة إلى شواء القطع، فله أفران تعتمد على الحطب وليس الغاز، وهذه الطرق القديمة تبرز اللون الأزرق المائل إلى الخضرة أو "الشذري"، كما يطلق عليه باللهجة العراقية. ويشير عاصم إلى أن هذا اللون ستجده بشكل خاص على الفخار المستخدم في بوابة عشتار في عصر الملك البابلي نبوخذ نصر والذي كان مهتماً بالتفرّد والبناء، حتى أن الكثير من الملوك البابليين الذين جاؤوا بعده سُمّوا باسمه تيمناً وتبركاً بإنجازاته.

 

صناعات القصب عابرة للطائفية والمناطقية

محسّد زامل، صاحب محل الأنتيكات في منطقة الميدان، التي تعتبر إحدى أقدم مناطق العاصمة بغداد، يقول إن الصناعات العراقية التقليدية تحتاج إلى بحث مطول وتنقل من مدينة إلى أخرى. كما أن هناك بعض المحلات التي تتميز بموديلات معينة خاصة بصناعة القصب. ويؤكد زامل لـ"العربي الجديد"، أن صناعة القصب عادت إلى الحياة في الأعوام القليلة الماضية، إذْ كانت مندثرةً إبان الاحتراب الطائفي في الفترة بين عامي 2005 إلى 2010، لافتاً إلى أن منبع القصب الجيد في العراق هو في أهوار مدينتي الناصرية والعمارة، إلا أنّ صناعه المتميزون يقطنون مدينة ديالى، "لذلك علينا أن نشتري القصب ونذهب به إلى الصناع في ديالى لتصنيعه وفق المواصفات المطلوبة من قبل كل صاحب محل". ويشير زامل إلى أن هناك طلباً كبيراً على السلال المصنوعة من القصب، كونها مفيدة في الاستخدامات المنزلية لتحملها الضغط والتنقل، بالإضافة إلى شكلها كديكور في داخل المنازل، وتستخدم في حفظ الملابس والمقتنيات الصغيرة، وتتوفر منها الكثير من الموديلات والأحجام، وتمتاز بمسامات التهوية الموجودة في كل أطرافها.

 

منتجات النخيل تزين حدائق العراقيين

عمر لطيف، صاحب معرض لبيع منتجات سعف النخيل في أطراف العاصمة بغداد القريبة من محافظة ديالى، يقول إن سعف النخيل تُنتَج منه الكثير من الأواني والأغراض المستخدمة في المنازل، خاصة المكانس البسيطة التقليدية المنتشرة في كل البيوت العراقية. كما تصنَع منه الأطباق الصغيرة والمتوسطة والكبيرة، والتي تستخدم في حفظ المكسرات أو الخبز، كما أن هناك من يستخدمها كلوحات لتزيين الجدران. ويضيف لطيف في حديث لـ"العربي الجديد"، أن منتجات السعف تكون بألوانها الطبيعية بالغالب، ولكن هناك من يريدها بألوان معينة، وهذه الألوان تصنع وتمزج من مواد طبيعية خاصة تدخل في تركيبها أنواع من التوابل الهندية، وهذه الطرق تعود إلى مئات السنين. ويلفت لطيف إلى أن من الأمور المهمة التي تنتج من سعف النخيل، هي أطقم الكنبات والكراسي التي تستخدم بشكل كبير في حدائق المنازل أو الـ"بلكونات"، موضحاً أن هذه الصناعة تحتاج إلى جهد كبير، حيث لا يدخل في صناعتها أي تدخل للمسامير أو الغراء أو أي لاصق آخر، بل تعتمد على التركيب من خلال صنع الثقوب من طرف وتدبيب الطرف الآخر.

ويقول لطيف إنه على الرغم من عدم دخول المسامير والصمغ أو الغراء في هذه الصناعة، إلا أنّها ستستمر لوقت طويل قد يصل إلى ثلاثة عقود، كما أنّها تحتمل درجات الرطوبة العالية أو الغسيل بالماء.


صور مرفقة






أخبار متعلقة
مشاركة الخبر
التعليق بالفيس بوك
التعليقات
استطلاع رأى

هل تتوقع أن تساهم التظاهرات بتحسين مستوى الخدمات

14 صوت - 67 %

0 صوت - 0 %

عدد الأصوات : 21

أخبار